Articles

Affichage des articles du octobre, 2013

حبّ فريد

أخيط أروقة الفضاء التجاري جيئة وذهابا أقلّب النّظر بين السلع المكدّسة بإغراء فاحش في الأروقة كمومسات المبغى. الدينارات العشرون التي أحتكم عليها لا تفي بالحاجة لشراء هديّة ترضي الحبيبة في عيد ميلادها. يعييني البحث وتقودني قدماي إلى رواق المشروبات الكحولية، حيث تلمع الفتوى كالوحي في الدّماغ: "بعض قوارير خضر يزهر بها الخيال وتفكّ عقدة اللسان، وسينساب الكلام معسولا فيكون أفضل هديّة للحبيبة في عيد ميلادها."  أقف في الطّابور لخلاص قنّيناتي وأتسلّى بتحليل المشتريات المكدّسة داخل العربات المجرورة. تشدّني بالخصوص نظرات الرّضى الغبيّة المرسومة على عيون الزبائن وهم يفرغون مشترياتهم على الجلد الدوّار بتأنّ في حركة استعراضية كلّها زهو وتطاوس بما رزقهم الله من نعيم... يتظاهرون بالانهماك في جمع مشترياتهم في أكياس البلاستيك غير عابئين بمن حولهم وهم يرمقون بطرف العين بضاعة الآخرين مقيّمين مركزهم الاجتماعي ووجاهتهم من خلال مقارنة حجم مشترياتهم بمشتريات الغير. لكنّهم يختمون جميعا الاستعراض بحركة تكشف حقيقتهم العميقة عندما يسرقون لفّة بحالها من أكياس البلاستيك لاستعمالها كأكياس قمامة...

ثورة بلا ساحات

كشفت مجريات الثورة القائمة في تونس عن أزمات وأمراض كثيرة تعانيها هذي البلاد التي نشترك فيها جميعا. ومن بين هذه الأزمات، أزمة السّاحات العامّة، حيث يمكن أن تدور بعض فعاليات الثورة ويمارس النّاس ثورتهم. منذ العصور القديمة لا تكون المدينة جديرة باسمها حتّى تكون لها ساحات عامّة . فالآغورا من المفردات الأساية للمدينة عند الإغريق، وساحة الفوروم كذلك عند الرّومان. وتعرف أشهر مدن العالم اليوم بساحاتها: السّاحة الحمراء في موسكو، وساحة تيان أ ن مان في بيكين، وساحة الكونكورد في باريس، وساحة بلكور في ليون الفرنسية، وساحة القدّيس بيار في روما، وساحة جامع الفناء في مرّاكش، وميدان التحرير في القاهرة، وغير ذلك كثير. الساحات العامّة كالحدائق العمومية هي من آليات تأمين الحياة بالمدن وتأسيس هويّتها. تعطي للمدينة روحا وإيقاعا وثقافة ونبضا... قد تكون في شكل ساحات شاسعة تستقبل الاحتفالات والتظاهرات العامّة (كرنفالات، مهرجانات خطابية، أعياد وطنية،) وقد تكون في شكل مفترق طرق تلتقي عنده حركة النّقل ومنه تتوزّع على مختلف شرايين المدينة. قد تكون فيها مقاه متناثرة حول نافورات المياه ومنتزهات وتماثيل