Articles

Affichage des articles du juin, 2014

سحر المذياع

أيام التعاضد ومصادرة أراضي الفلاحين الفقراء، كان صغار الملاّكين في الجريد يسارعون إلى بيع غاباتهم بما تيسّر. ولم تنجو غابة " قراب" التي كانت إرث سيدي وإخوته عن أبيه. كان نصيب سيدي من التفويت في " قراب" سنة 1969 ثمانين دينارا وخمس فردات ذهبية ومذياع من نوع فيليبس وبرنسا صوفيا . وفيما كانت المرحومة تحلّي معصمها بالفردات وترهنها كلّما ضاق بنا الحال عند يمينة زوجة محِمّد اللواجيست أو مريم زوجة كريّم الخبّاز، كان يحلو لسيدي أن يلتف في برنسه الصوفي الذي لازمه طوال حياته حتى بلى واهترأ دون أن يقدر على تجديده. كان يحضن داخل البرنس جهاز الرّاديون كما كان يسمّيه ويفتحه على أعلى مستوى مباهيا الجيران بما يمكله، ويسرح في نومة القيلولة بفناء البيت تحت شمس جانفي . ومن تحت تلافيف البرنس كان ينبعث صوت الزعيم بورقيبة ويتردّد في الأرجاء، فيبدو كأنّه هاتف سماوي، ويعقبه من حين لآخر صوت عبد العزيز العروي في البلاغات المحلية التي كانت عبارة عن جملة من البلاغات التي تبث باللغة العامية. وقد يتخلّل ذلك صوت المطرب الشعبي الكبير أحمد الخليفي عندما يغيّر سيدي المحطّة ليواكب برنامج &qu

نافذة على البلد

المطارات فضاءات مميّزة لأكثر من سبب... تهجّر من محيطها عصافير الطبيعة لتحتلّه طيور معدنية عملاقة تسمّى طائرات... وككل محطّات السفر فهي فضاءات تجمع القادمين والمغادرين بما يحمله كلا الصنفين من شحنة عاطفية ورمزية ... مزيج من الأجناس والثقافات واللغات والغايات والمصائر المختلفة تتقاطع في هذا الفضاء، وتتوزّع في طوابير التسجيل حاملة معها أمتعة وحقائب تخفي ما تخفي من تفاصيل حياة كل واحد... وما هي إلاّ سويعات حتى يأخذ كل مسافر بما لديه من خصوصيات مسلكا خاصّا به فتفرز المصائر ويتفرّق الجمع. هذا مريض مسافر طلبا للعلاج، وهذا مهاجر يحلم بالعمل، وذاك سائح يطلب الترويح عن النفس والاكتشاف، والآخر رجل أعمال، ومنهم الجاسوس في مهمّة، واللاجئ السياسي الفارّ من سجون حاكمه، ومن شرّدتهم الحرب، والطالب والعاشق اللاهث وراء معشوقته والحاج والتاجر والفنّان... طواقم الطائرات يعبرون في هيبة مميّزة، فالمضيّفات حوريات يسحرن الجميع برشاقتهن وجمالهن وعبق عطورهنّ، وقادة الطائرات وسيمون أنيقون بلا جدال... هناك موظفو المطار وعمّال الشحن ونوادل المطاعم والمقاهي والمنظفون والعتّالون وسوّاق التاكسي... هناك أيضا ب

الدمق يا بابا ع الدمق

Image
الكسكروت أو الكصكروط أو السندويتش أنواع وأشكال في بلدي. تختلف وظائفه حسب الأشخاص (عاداتهم، إمكانياتهم، وضعهم الاجتماعي، وضعهم الصحي، الخ.) هو عند البعض مجرّد "كوب-فان" أو تحريشة، وعند البعض الآخر وجبة رئيسية، وعند آخرين أداة تسلية وترفيه، وعند الزوّالي والبطّال أمنية بعيدة المنال . أسوأ أصنافه ما كان من خبز الطابونة التي لا علاقة لها بالطابونة الحقيقية، هاك الرويّق متاع غمراسنية شارع بورقيبة: "بانوراما" وهاك اللي في الدورة متاع نهج مارسيليا من شيرة المختار عطية. كوارث، عجينة نية ومايوناز قارسة وفريت مسخّن ألف مرة . عندك كصكروط العياري: خبز طاجين وعظم طايب ولحسة هريسة وجبن وسطيّر زيت. هذا في الصباح تحت حيوط الوزارات، يموتوا عليه الموظّفين المثمولين والمخنوقين في كرافاتات الفريب. حتى من الموظّفات يوصّيوا الشيفور ولاّ الفاغماستر باش يجيبلهم منّو ساشيات ياكلوهم في البيرووات . وفي الليل، تتنصب في محطّات كيران الباساج وبرشلونة وباب الخضراء، ابّابر تغلّي في العظم وخبز حاكم وسوكارجية تسطّح في المروّب وما تسمع كان الصلاة على رسول الله . وعندك تشكيلة جديدة مت