Articles

Affichage des articles du avril, 2014

ليلة الكسوف (قصة مترجمة لغابريال غارسيا ماركيز)

Image
    ترجمها جلال الرويسي بمسقط في 19 أبريل 2014 عن نسخة بالفرنسية منشورة بصحيفة لوموند ديبلوماتيك في أوت 2003 المرجع للنسخة الفرنسية http://www.monde-diplomatique.fr/2003/08/GARCIA_MARQUEZ/10357   كان هذا الفندق العجيب يخفي ل"آنّا ماجدولينا باخ" أ لغازا أكثر تعقيدا من مجرّد إطلاق نظام الإنذار عندما ولّعت سيجارة. إنذار كان عبارة عن جوقة من المنبّهات الصوتية والضوئية، صاحبها صوت زاجر يخبرها بثلاث لغات مختلفة أنّها في غرفة لغير المدخنّين، هي الغرفة الوحيدة التي أمكنها حجزها في ليلة الاحتفالات تلك. احتاجت المساعدة حتى تفهم أنّ إشعال النور وتشغيل التلفزيون ومكيّف الهواء وموسيقى الغرفة يتمّ بواسطة نفس البطاقة التي تستخدم لفتح الباب. وكذلك تمّ تلقينها كيف تستخدم اللوحة الإلكترونية للتحكّم في زخّات الماء المثيرة جنسيا والجالبة للاسترخاء في حوض الجاكوزي. وبدافع الفضول المتأجج فيها، خلعت تنورتها التي بلّلتها شمس المقبرة بالعرق وشدّت شعرها تحت طاقية وعرّضت جسدها للتيارات المائية. وفي غمرة استمتاعها ذاك، اتصلت بزوجها عبر الهاتف لتقول له "عزيزي لا يمكنك أن تتخيّل كم أنا

أغلب الأثرياء يتمسّكون بأموالهم

رسالة مفتوحة من الكاتب ستيفان كينغ (مترجمة يتصرّف) هو من أنجح الكتّاب، حاز إعجاب النقّاد ويبيع ملايين النسخ في مختلف أنحاء العالم من كلّ كتاب يصدره. وغالبا ما تحوّل كتبه إلى أشرطة سينمائية ناجحة. هذا هو ستيفان كينغ النّجم العالمي بامتياز والثري الذي لا ينقصه شيء. ولكنّه يصرخ إزاء انخرام العدالة الاجتماعية وتفشي الفقر والإقصاء بأعلى صوته مطالبا بالترفيع في الضرائب المسلّطة على الأثرياء. ويعلن استعداده أن يدفع أكثر ممّا يدفعه حاليا. فهل هي مجرّد ديماغوجيا وجعجعة لفظية تعوّدناها من النجوم للمحافظة على نجوميتهم أم أنّه موقف صادق من فنّان يحسّ بمأساة الملايين وينتفض ضدّ الحيف والإقصاء الاجتماعيين؟ اقرؤوا هذه الرّسالة التي تقطع مع اللغة الخشبية حول موضوع شائك ومحلّ مزايدة.... _________________________ صرّحت أثناء تظاهرة أقيمت في فلوريدا بأنّني أدفع 28 بالمائة من دخلي بعنوان ضرائب وتساءلت لماذا لا ترفع ضرائبي إلى 50 بالمائة؟   فقيل لي: "ما عليك إلاّ أن تمضي صكّا في ذلك وتريحنا من جعجعتك الفارغة" قيل لي أيضا "إذا أردت أن تدفع أكثر، فافعل، لا أحد سيمنعك من ذلك"

اعترافات في الوقت الضائع

Image
نعم قصّرت معك يا سنان في الشهور الأخيرة. لمّا مرّ المرض إلى السرعة القصوى ودخل بك في المنعطف الأخير، كنت ألهث وكانت عجلاتي "مفشوشة". ما كان بإمكاني مسايرة النسق. لم أعد أستطيع أن أقابلك لألوك أمامك تلك الكذبة التي لا تنطلي عليك "آه، أنت اليوم أفضل حالا يا عشيري... ما شاء الله وجهك مشرق". كان الحديث الوحيد الصادق والممكن بيننا هو عن الموت، عن موتك. وأعترف أنّه لا أحد منّا كان يستطيع ذلك أو يرغب فيه... كان الأمر يحتاج منّا التحليق في طبقة أخرى من كنه الوجود. لعلّك كنت تنتظر منّي أن أبادر لتستجيب... ربّما. لكنّك تعلم محدوديّة قدرتي على التفلسف. كم رجتني ابتسام ألاّ أغيب عنك، ومثلها ألحّت كوثر وفعل كمال الزغباني وعبد السلام البغوري وغيرهم... كنت أعدهم دون أن أفي، لأنّني لم أكن أقوى على رؤيتك بصدد الموت. كم آلمني قول كمال "عشيرك يسلّم عليك، ويقولّك ما تخافش منّي راهو السرطان موش مرض معدي"  لكنّ كلّ ما فيك معدي يا عشيري: الصداقة والخيال والإحساس والحساسية واللعب بالمعاني. كم مرّة تساءلت في سرّي محاولا تقليدك: "ماذا لو كانت الحياة تبدأ بالمقلوب؟؟ فنصير

ينعل بو الدنيا

حالما تعافت أحلام، استأنفت التردّد على الملهى الليلي حيث كانت تعمل راقصة. لكن بوصفها حريفة هذه المرّة وليس بوصفها نجمة الملهى ومركز ثقله. لم تتحمّل حياتها حبيسة بيتها الكئيب. إذ رغم كلّ ما وفّرته فيه من أسباب الرّاحة، فإنّه ظلّ موحشا يسيطر عليه صمت المقابر. فهي ابنة الليل والملهى هو بيتها وحرفاؤه هم عائلتها. ولكنّها للأسف لم تعد تستطيع مواصلة الرقص مهنتها التي تعشقها إلى حدّ الجنون. في البداية، كانت تبالغ في الشرب وتنهار بالبكاء في آخر السهرة فيواسيها أصدقاؤها من المعجبين بها أيّام مجدها، حتّى نبّه عليها صاحب الملهى وهدّدها بعدم قبولها من جديد. لكنّ الحرفاء صدّوه عنها وهدّدوه بمقاطعة الملهى إن هو منعها من الدخول. استمرّت تتردّد على الملهى حريفة يومية لأكثر من ثلاث سنوات حتى عرض عليها صاحب المحلّ أن تكون قابضة تتعامل مع النوادل. حصل ذلك ليلة الاحتفال بذكرى الثورة، حيث كانت مشاعرها مزيجا بين الفرحة بسقوط نظام أنهكها أعوان بوليسه بالابتزاز والتحرّش وبين خوفها ممّا ينتظرها بعد انتقال السلطة إلى الإسلاميين. بالغت ليلتها في الشرب، ورقصت بتوتّر جعل عضلاتها منقبضة ولكنّها كانت تغ

محمّد "لاصيان"

لمّا توقّف المطر، خرج "محمّد لاصيان" إلى الشارع مستطلعا آثار ليلة كاملة من السيول المتواصلة على منازل الطوب الهرمة. كانت الجدران المتآكلة ذات الحجارة الناتئة كبقايا أسنان في فم عجوز أدرد متشرّبة ماء حتّى صارت تهدّد بالتهاوي في أيّ لحظة. سحب "محمّد لاصيان" من جيبه علبة السجائر وقبل أن يشعل واحدة عدّ ما تبقّى في العلبة من سجائر مستغربا سرعة نفاذها وخمّن أنّ البركة طارت من كلّ شيء ولم ترحم حتّى السجائر التي التهبت أسعارها. قرفص مسندا ظهره إلى جدار بيته وطلب من مقداد ابن جاره الذي كان يلعب بالوحل أن يسأل أمّه إن كان لديها بقايا "رشفة تاي"...  ينادي أهل القرية محمّد بلقب "لاصيان" المستمدّ من عبارة فرنسية اعترافا له بالخبرة والمهارة في حرفة البناء. قدّر "لاصيان" في سرّه أنّه من الأفضل له ولسكّان هذه البيوت الهرمة لو تتداعى إلى السقوط حتّى تعوّض الدولة لأصحابها بمساعدات مالية، وهكذا "يدور الدّولاب" ويتوفّر له الشغل الذي كسدت سوقه منذ حلّت الثورة. وفي نفس الوقت يستفيد أهل القرية فيجدّدون بيوتهم... لكنّه سرعان ما طرد هذه الفكر