Articles

Affichage des articles du juin, 2016

الحاج ميلود

لمّا يحدث أن يتواعد شخصان عند "الحاج ميلود " فهما يتحدّثان في الحقيقة عن بار "الحاج ميلود" ولا عن الشخص ذاته... ف"الحاج ميلود" هو في واقع الأمر علامة تجارية تجاوزت شهرتها حدود القرية. أمّا الشخص، فلا أحد من شباب القرية يعرفه. ذلك أنّه غادرها منذ أكثر من عشرين سنة ليستقر بمدينة ساحلية جميلة، بعدما عيّن متصرّفا أمينا لإدارة المحلّ. ولم يكن ليجد أفضل من "عز الدين" صديق طفولة المرحوم "قمر الدّين ". ربح "بوالعز" ثقة الحاج ميلود العمياء بعد تجربة امتدّت على مدى السنوات الست الأولى بعد فتح المحل. كانت عينا "بوالعز" تدمعان كلّما أثنى الحاج ميلود على وفاءه وأمانته، فينظر باتجاه صورة صديقه المرحوم "قمر الدين" في إطارها الخشبي المعلّق بمدخل القاعة، ويهمهم "ليس لك أن تشكرني يا عمّي الحاج. فأنا ابنك، والمرحوم أخي وتوأم روحي. لا شيء غير الصدفة جعلته هو يستشهد وأنا أستمرّ في الحياة " كلّ ما يعرفه شباب القرية الذين يرتادون البار يوميا ويجلسون فيه الساعات الطوال قبالة صورة قمر الدين أنّ &q

"الشيريف" حبيب

كان يوما أغبش منذ صباحه، تطيّر منه كلّ من أطلّ برأسه خارج بيته فانكفأ سريعا في جحره وانطوى على نفسه مرجئا قضاء حوائجه إلى ما بعد العاصفة الرّملية. كانت الرّيح قد ظلّت طوال الليل تصفّر عبر شقوق النوافذ وتنحب في أسلاك الضغط العالي وتولول في الأزقّة منظّفة بعضها من القش وأكياس البلاستيك ومحوّلة بعضها الآخر إلى مصبّ فضلات. وكأنّما جاء الصّباح ليؤجّج العاصفة حتّى صارت الرؤية لا تتعدّى المتر الواحد فأغلقت الدكاكين وانعدمت الحركة وخلت الشوارع إلاّ من بعض كلاب سائبة وقطط شريدة. ما كان "الشيريف" حبيب رئيس فرقة حرس الحدود يفوّت الفرصة وهو الذي علّمته التجربة أنّ المهرّبين يستغلّون تلك الظروف المناخية لإنجاز أكبر عمليّاتهم. ولم تنفع توسّلات لطيفة لتقنعه بالبقاء إلى جانبها وتثنيه عن الخروج لمطاردة المهرّبين. كانت جاذبية التحدّي أقوى من غواية تلك البيطرية الشابّة التي زلزلت القرية منذ قدومها من العاصمة. لطيفة باحثة شابّة تعدّ أطروحة حول أمراض الماعز الصحراوي. سلبت تلك الفاتنة الغجرية الناهد عقول الرجال وصارت حديث الكبير والصغير بلباسها القصير وركوبها درّاجة نارية نفّاث

La TPF

شغل سي الشريف خطّة كاتب عام لمؤسّسة جامعية معروفة طوال عشرين سنة. خطّة مهمّة تعطيه امتيازات مدير إدارة مركزية بما تعنيه من سكن وظيفي وسيّارة إدارية ووصولات بنزين ومهمّات وسفريات ومنح وظيفية. هذا، عدا ما تتيحه من نفوذ ووجاهة وما تفتحه من آفاق وعلاقات مع ذوي الشأن. لكم تمنّى سي الشريف وسعى إلى أن يكون وفيا لاسمه، لكنّ للوظيفة أحكامها التي لا ترحم . ولم تكن تلك المدحية السخيفة التي يردّدها على مسامعه أغلب الموظّفين وعدد عير قليل من الأساتذة "سي الشريف، أنت اسم على مسمّى" لتغيّر من طبيعة تقديره لنفسه ولحقيقته. كان يحتقر أصحاب تلك الجملة الممجوجة التي تقطر تزلّفا وكذبا كلّما ردّدها على مسمعه أحد موظّفيه معتقدا أنّه الوحيد الذي تفتّقت قريحته المدحية عليها . ولئن نجح سي الشريف في إمساك العصا من الوسط، حيث تعفّف عن تحرير تقارير للوشاية بالناشطين السياسيين والنقابيين من الطلبة والأساتذة، وفي نفس الوقت كان صارما وشديدا في منع الاجتماعات والمعلّقات غير المرخّص بها، لكنّه كان يعيش أصعب أيّامه كل سنة مع اقتراب اليوم الوطني للتضامن الذي تتجنّد فيه جميع الإدارات لجمع التبرّ