Articles

Affichage des articles du septembre, 2017

يا مؤنس وحشتي

قاعة تتسع لأكثر من عشرين مقعدا موزّعة حول طاولة كبيرة، وفي فناء القاعة مكتبها المتواضع الذي بذلت جهدا في تحسين مظهره بجلب أدوات مكتبية خاصة من بيتها. نبتة صبّار شوكي صغيرة ذات أزهار ملوّنة، حاملة أقلام بلّورية، ومفكّرة مكتب. هي تجاوزت الثلاثين. لا علامات جمال خاصّة تميّزها. عادية المظهر واللباس. محافظة دون أن تكون متديّنة. لباسها محتشم دون حجاب ولا جلباب. خجولة حدّ الانطوائية، يمكن اعتبارها من صنف النساء الخنوعات. تلك القاعة بما تحويه من رفوف قديمة وفهارس ومراجع هي كلّ حياتها. منذ تخلّت عن حلمها بالزواج، صارت تفرغ كلّ شحناتها العاطفية في الشغل، متجاهلة تلك التساؤلات الباطنية الملحّة عن جدوى تلك الأعمال الدقيقة والمرهقة التي تنجزها بدأب في قاعة مهجورة من الباحثين. كانت تلك التساؤلات تضاعف من غربتها وتعمّق كآبتها فتحسّ نفسها عبئا على المجتمع ولا ضرورة لوجودها أصلا في هذا الكون. فما الفائدة يا ترى من عمليات الفهرسة والوصف والتكشيف والتصنيف والترتيب؟ ولماذا تبذّر الدّولة أموالا على رواتب موظفي وعمّال مركز الوثائق الوطنية وعلى بنايته وتجهيزاتها والحال أن لا أحد يطرق أب