Articles

Affichage des articles du janvier, 2014

تمارين في الحساب والفلسفة

إذا اعتمدنا المعدّلات التالية:   ينمو شعر الإنسان بمعدّل صنتيمتر في الشهر وأظافره بمعدّل مليمترين في الشهر.   وفي اليوم يبول الإنسان معدّل لترين ونصف ويخرى ما يقرب من الربع كيلو، فإنّ مجموع ما يفرزه إنسان يعيش خمسين سنة سيكون كالآتي: 5 أمتار من الشعر، دون احتساب شعر اللحية والإبطين ومواطن الجسم الأخرى 24 مترا من الأظافر 45.5 مترا مكعّبا من البول (أي تقريبا ما يملآ حوض سباحة بطول ثمانية أمتار على عرض ثلاثة أمتار وبعمق مترين) 4.5 طنّا من الخراء يضاف إلى هذا إفرازات جسم الإنسان من عرق ودموع وغمص (دعماش) وصمغ ومخاط وغازات ولعاب وحيوانات منوية أو بويضات تخرج في دم الحيض في مقابل ذلك، يستهلك الإنسان في هذه الفترة من حياته كلّ يوم ما معدّله لترين من الماء للشرب و15 ليترا للتنظيف ورطلا من الطحين ومائة غراما من اللحم أو السمك ونصف لتر من الحليب. هذا، بالإضافة إلى الزيوت والخضر والفواكه والأدوية والملابس والأغطية ومواد التنظيف. فكم يا ترى من حوض سباحة من الماء ومن طن طحين ومن قطيع أغنام ومن صهريج حليب ومن شاحنة خضر وغلال ومن صيدلية أدوية وغيرها من المنتجات، يستهلك

ما بعد الفيلم

المعروف عن غابريال غارسيا ماركيز أنّه محب للسينما ومدمن على مشاهدة الأفلام في القاعات. لكنّ الفيلم عنده أطول بكثير ممّا هو عند سائر النّاس. ذلك أنّ الشريط الذي يشاهده مع الناس على الشاشة الكبيرة في القاعة المظلمة ليس إلاّ منطلقا لفيلم أطول يدور في وجدان هذا الروائي السابح بطبعه في الخيال، حتى أنّه بالإمكان اعتبار الفيلم الرئيسي عند ماركيز يبدأ لمّا ينتهي الفيلم المعروض على الشاشة. فمن عادات ماركيز عندما تشتعل الأضواء ليغادر المتفرّجون القاعة، أن يعشي عينيه إلى القدر الذي يسمح له فقط بتبيّن طريقه إلى الخارج ثمّ يمتطي أوّل تاكسي ويغمض عينيه طالبا من السائق الابتعاد عن مناطق العمران دون وجهة محدّدة. ويظلّ طوال الطريق مغمضا عينيه مسترجعا أحداث الفيلم وشخصياته محاورا البعض وثائرا على البعض ومعاتبا البعض ومساندا أو مواسيا بعضهم الآخر حتى يتحوّل إلى شخصية من شخصيات الشريط. ويظلّ على تلك الحال والتاكسي يطوي المسافات حتى تنفذ جعبة تفاعلاته وانفعالاته، فيطلب من السائق العودة. والحقيقة أنّ هذا هو حال الكثير من عشّاق السينما مرهفي الإحساس الذين يتأثّرون بما يشاهدونه إلى حدّ الانصهار في

دور الجامعة التونسية لنوادي السينما في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي

هناك رهط من الناس يصرّون على ارتياد الملاعب والمسارح ودور السينما رغم كونهم يستطيعون مشاهدة المقابلات الرياضية والحفلات والمسرحيات والأفلام في بيوتهم وهم جالسون على الأرائك الوثيرة في الدفء بجانب من يحبّون ويترشّفون ما طاب لهم، بعيدا عن الزحام والطوابير وأنفاس الغير وروائحهم؟ فهل تراهم مازوشيون أم أنّ لهم دوافع أخرى؟ إنّهم ببساطة يريدون للفرجة أن تكون طقسا جماعيا ينخرط من خلاله النّاس في فعل جماعي مشترك يقرّبهم من بعضهم البعض. إنّ للفرجة مع الجمهرة نكهة خاصّة، ككلّ الطقوس الجماعية. هناك شيء ساحر وممتع في أن تكون داخل القاعة المظلمة وأنت في ذات اللحظة مع الآخرين وغائب عنهم لأنّك مشدود إلى تلك الشاشة العملاقة التي تدور على ساحتها حياة أخرى غير تلك التي تحياها مع من في القاعة والتي اخترتم جميعا وبشكل طوعي أن تعلّقوها لحين، فتسربلتم بالسواد وجلستم صامتين مشدودين إلى ذلك الضوء المنبعث من كوّة وراءكم والمنثور على قماشة عملاقة ليستحيل حياة أخرى. تغوص في ما تشاهد وتنسى كلّ ما حولك حتّى إذا ما تنهّدت أو شرقت بالدمع المحبوس أو هَزْهَزَتْ كُرْسِيَّكَ ضحكةٌ مكتومةٌ فطِنتَ بجارك وهو