Articles

Affichage des articles du juillet, 2020

لاعب النرد

وصلت إلى السونترفيل في حدود الثامنة صباحا تقريبا... حركة المرور كانت خفيفة على غير عادتها في ذلك الوقت من اليوم. ركنت سيارتي في المستودع البلدي ولم يكن مزدحما. كأنّ الناس هجروا العاصمة ذلك الصباح... دفعت دينارا لحارس المستودع فسلّمني التذكرة دون المائة ملّيم التي يفترض أن يعيدها لي... تمتمت وانصرفت متحاشيا أن أبدأ يومي بخصومة مبكّرة، فلي شواغل أهمّ في ذلك اليوم... كان خط سيري واضحا في ذهني. أمشي في نهج المختار عطية إلى آخره عند شارع الحبيب ثامر. وهناك أنعطف يسارا لأمشي في شارع روما مائتي متر قبل أن أعبر سكة المترو وأجد نفسي في نهج محمد علي. ومع أن صباح ذلك اليوم الشتائي كان مشمسا إلّا أن علوّ العمارات وضيق الأنهج كان يمنع أشعة الشمس من الوصول إلى المارّة وبث الدفء في مفاصلهم... كانت الأرصفة لا تزال مبلولة بندى الفجر، ورائحة القهوة تفوح من الكافيتيريات المنتشرة في الأرجاء. لكنّني قاومت إغراءها بالدخول لعدم تمكّني من شراء صحيفة تؤثث طقس القهوة الصباحية. قرّرت الاستعاضة عنها بصحفة صحلب ساخنة عند لسعد... قلت أتذكّر بها أيام كنت مكتبيا بالمعهد العالي للموسيقى. كان شفيق يرا

الوصيّة

كان يمكن لاختلافهم بشأن الوصيّة أن يحتدّ إلى درجة اللاعودة. قالت أخته اليامنة وهي ترفع رأسها إلى السماء كأنّها تطلب له الشفاعة "الله يسامحك يا محجوب متعبنا حي وميت"... والحقيقة أنّ رضا قرّر التظاهر بعدم الإصرار على تنفيذ الوصيّــة ما إن فرغ من قراءتها ولاحظ ردود الفعل. لا أحد كان يفكّر بوجود وصية أصلا، لولا أنّ رضا وأخته منجية اللذين يعيشان مع المرحوم أعلما بقية أفراد العائلة بذلك. فما الذي يملكه الرايس محجوب حتى يوصي به غير قاربه الذي يعلم الكلّ أنّه كتبه لرضا منذ حياته. وكان ذلك أمرا منطقيا لم يعترض عليه أحد لأنّ رضا هو الوحيد الذي ظلّ يسرح مع والده على ظهر القارب للصيد. أمّا بقية إخوته فقد وزّعتهم صروف الحياة ما بين العاصمة والهجرة. لمّا أعلمهم المرحوم بالأمر باركوه جميعا، حتى أخته منجية لم تر في ذلك حيفا، خصوصا أنّ رضا طيّب خاطرها لمّا وعدها بأنّ شكّ السمك سيظل يصلها كما عودّها الوالد. وحتى لما أصرّ رضا على فتح الوصية وقرأها على مسامعهم، كاد أغلبهم أن يضحكوا ممّا جاء فيها، واعتبروه من باب الطرافة التي عوّدهم بها المرحوم في حياته. كان الرايس محجوب على بساطته،