Articles

Affichage des articles du juillet, 2014

الدمى البلاستيكية

Image
درست الموقع جيدا قبل أن يستقرّ عليه اختيارها. هو عبارة عن ساحة ظليلة فسيحة ليس لها شكل هندسي واضح. في ناحيتها الغربية يقع مستشفى كبير يؤمّه الناس من كامل أنحاء البلاد ومقهى شعبي ومحلّات لبيع الملابس الجاهزة توجد خلفها حانة صغيرة. وفي الناحية الشرقية للسّاحة، تقع محطّة للمسافرين حذوها مسجد وبعض محلاّت لبيع الأكلات الشعبية وموزّع للأوراق المالية. قدّرت أنّ تنوّع الأنشطة والفئات البشرية التي ترتاد المكان يتيح لها فرصا متنوّعة للحصول على المال. فإذا لم يرأف بها المصلّون فقد يحنو عليها السكارى. وإذا قسا عليها كلاهما فقد يكون لدى أقارب المرضى استعداد للدفع عسى الله يرأف بمرضاهم ويشفيهم. هذا عدا عن المسافرين وروّاد المطاعم الشعبية. والأصل في عملها أن لا تظلّ ثابتة في مكان واحد، حيث تنتقل في الفضاء حسب كثافة المتردّدين على هذا المكان أو ذاك. ولكن هناك أوقات معلومة تختصّ بها أماكن دون غيرها. فقد كانت تستهلّ عملها بدورية صباحية في محطّة المسافرين قبل انطلاق السفرات الأولى، داعية للمسافرين بالسلامة في طريقهم، وهو ما يكون عادة كافيا لجعلهم يدسّون أيديهم في جيوبهم وإعطائها ما تيسّر ط

كسّار، باسا، الشريف

كسّار هو خال أبي، يعرفه الجميع بهذه الكنية... أفهمني أبي أنّه من العيب ومن قلّة الأدب مناداة خاله بكسّار... وهو ما أجّج فضولي لمعرفة سرّ هذه الكنية... صاحبني ذلك الفضول الحارق حتّى صادف أن سمعت ذات يوم "مامّة" زوجة كسّار وهي تردّ في فحش على ممازحات النساء المجتمعات في لمّة شاي ذات عشوية بدار الحاج، زوج سلفتها. قال لي أبي بحزم أنّ كسّار هو بلقاسم الشريف وما أدراك، ولابأس من أن نناديه داخل العائلة الموسّعة "باسا" احتراما وتودّدا. هو تاج رأس جدّتي "مية" الفخورة به دون أسباب وجيهة وظاهرة لنا نحن الأطفال. لم يمنعه فقره الشديد من أن يكون أنفه دائما في السماء. وكما تقول جدّتي "بلقاسم خويا ما يرشفهاش لحتى حد" متحدّية  أختها عانس كلّما اشتكت من تطاول أخيها باسا على زوجها الحاج التاجر الميسور. كثيرا ما يدفعه إحساسه الحاد بالعدل والكرامة إلى معارضة تصريحات الحاج التي تبدو له متهافتة، ولو كانت صائبة، لأنّ فيها رائحة الصلف المؤسّس على الثروة ودكتاتورية لقب الحاج. صحيح أنّ بيت الحاج كان يجمّع كل فروع العائلة الموسّعة في المناسبات والأعياد والعشايا. لك

اللغم

كم يبدو للبرني بعيدا ذلك الزمن القريب من فرط ما اشتاق إليه... ضحى يوم ربيعي رائق، والشمس متألٌّقة كامرأة لعوب تغمز بشعاعها الفضي المتسلّل عبر جذوع أشجار الفلّين تلك الروابي المكسوّة بالحشيش والنوّار... نحل يتنقّل بين الأزهار يترشّف رحيقها تحت مراقبة الفراش المرفرف كملائكة الجنّة، وصراصير سكرى بالروائح والندى تعربد في مخابئها... صبيّة تنشر الغسيل فوق السطوح وأختها تشرع النوافذ فيضوع من البيت صوت فيروز كالرّائحة ويسري ليلفّ المدى كضباب الفجر... هناك بعيدا في أسفل الوادي، عجوز تصعد التلّة وهي تنوء تحت حمل الحطب الذي جمعته... جلجل الحصان يرنّ بقوّة كناقوس كنيسة في كورسيكا، كلمّا نفض الحصان التبن من على رقبته اللمّاعة المكسوة بشعر ناعم... رائحة خبز التنّور تتقاطع مع صوت فيروز فتضطرب الحواس وتختلط عليها وظائفها حتى يختصم الأنف والأذن والعين... سحب البرني نفسا من جونتة الحشيش وهو يتّكأ على صخرته تحت شجرة الكالاتوس حيث اعتاد أن ينتظر وصول الحمار المحمّل بالسلعة التي يشحنها "الخاوة في الدزاير" عبر المسلك الغابي الذي تدرّب عليه الحمار جيدا حتى حفظه وصار يروح ويجيء محمّلا ب&qu