Articles

Affichage des articles du septembre, 2012

ابنة عمّتي التي اغتصبها البوليس

بعيدا عن تبرئة ذمّة الوحشين المغتصبين، يبدو لي أنّ المسئول الأكبر عن اغتصاب فتاة عين زغوان هو ثقافة مجتمعنا الذّكورية... هذه الثقافة التي تضع المرأة دائما في موقع المخطئة أو المتسبّبة في الخطأ. فالرّجل دائما ضحيّة لغوايتها. انظر كيف وقع الأعوان الأشاوس الساهرون على أمننا ضحيّة غواية هاته "المستهترة" التي جاهرت بما ينافي الحياء فحرّكت فيهم غريزة طبيعية. هذا ما قصده الناطق الرّسمي باسم وزارة الدّاخلية عندما تحدّث عن الوضع غير الأخلاقي الذي ضبطت فيه الفتاة ومرافقها...  لذلك يرى جماعة "هل ترضاه لأختك؟"، هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم حماة للمجتمع ولنقاوة أخلاقه أنه من واجب المرأة أن تستر نفسها باستمرار وتخفض صوتها ما استطاعت وتقتصد في الكلام بتجنّب اللغو وتفعل ما في وسعها لتأمين مسافة أمان تجاه الرّجل. فهي غواية كلّها ولا تأتي من ورائها إلاّ المصائب والكوارث، وبالتّالي فهي ظالمة دوما. هذه الفكرة متغلغلة في روح المجتمع وثقافته كالورم الخبيث، حيث فرّخت وعشّشت في مواطن كثيرة متخفّية وظاهرة. لذلك لابدّ من محاربتها باستمرار بالتّأكيد على مبدأ المساواة بين المرأة والرّجل ع

من النخبة الرياضية إلى الصفوة الاجتماعية

تونس بلد صغير شعبها يتجاوز بالكاد العشرة ملايين نسمة. وهذه نعمة كبرى، فلا تطاحن عرقي أو قومي أو طائفي ولا طموحات توسّعية ولا حروب ولا أي شيء من أسباب التوتّر والتمزّق الاجتماعي... يكاد التونسيون يعرفون بعضهم البعض فردا فردا، حتّى أنّه يكفي أن يدرس الواحد منّا بالجامعة ثلاث سنوات حتّى يكوّن شبكة من الصداقات والعلاقات تغطي الجهات الأربع للبلاد، فلا يدخل بعدها قرية أو مدينة إلاّ وله فيها صديق يبيت عنده. لنا زيتون ودقلة وبرتقال وفسفاط وبعض صناعات تحويلية وساحل ممتدّ. ونعرف عدد تلاميذنا وطلبتنا وموظفينا وجامعاتنا ومستشفياتنا وعساكرنا وشرطتنا... نعرف جيّدا أصحاب الثروات الشرعية ونميّزهم عن أصحاب الثروات الوسخة ونعرف المناضلين والقوّادين والأتقياء والمندسّين فيهم. لا نحتاج بحوثا معقّدة لرسم خارطة المجتمع القبلية والفلاحية والتربوية والصحية.. هذا من أصول فقيرة ولكنّه نجح في تحسين وضعه بفضل جهده وهذا من عائلة ميسورة كوّنت ثروتها من خدمة الباي وموالاة الاستعمار (جد الأسرة قايد أو خليفة) وهذا قوّاد أو مرتشي وهذا مهرّب (كناتري) وهذا فرشيشي وذاك مرزوقي وذاك بلدي وذاك تركي وذاك طرابلسي أو سوفي

التعدّدية النقابية: إصابة بنيران صديقة وهديّة غير مقصودة للخصم

غالبا ما تبرّر التعدّدية النقابية بالاستناد على أنّه من المبادئ الأساسية للدّيمقراطية قبول التعدّد والاختلاف. وهذا ما يصحّ نعته بكلمة الحق التي يراد بها باطل. فالعمل النقابي ينبني على معادلة تضع وجها لوجه طرفين: ممثّل العمّال من جهة وممثّل المشغلين (الدولة أو العرف) من جهة ثانية. فهل يقبل الطّرف الثاني أن يكون متعدّدا؟ طبعا لا. فالدو لة واحدة والعرف واحد وإلاّ فهو التفتّت وضياع السلطة والثروة. بلغة أخرى تشجّع الدولة والعرف على التعدّدية النقابية تحت ستار الديمقراطية لإضعاف خصمها. وهذا منطقي إلى حد ما، إذ لا تنتظر من خصمك أن يقوّيك ضدّه. لكن ما هو غير منطقي، هو أن يأتي الحرص على التعدّدية النقابية من الطرف العمّالي ذاته، ودائما تحت نفس ستار الديمقراطية إذ لا وجود لغيره. ولشرعنة هكذا موقف، يتمّ الخلط بين النشاط التقابي والنشاط الحزبي المبني بطبيعته على التعدّد. هذا ما نسمّيه بالنيران الصّديقة. إنّ التوظيف السياسي  للعمل النقابي l'instrumentalisation   مبدأ عزيز على اللينينيين الذين لا يرون في غيره إلاّ نقابات صفراء تطيل عمر الاستغلال. ويجاريهم في ذلك طبعا كلّ من يمارس العمل ا