Articles

Affichage des articles du juin, 2013

جريمة قتل رجل ساخن جدّا بدم بارد في صباح بارد

في ذلك الصباح السيبيري المشمس، كنت وأخواي نشعل ما يكفي من كوانين الحطب لتدفئة جموع من جاؤوا يعزّوننا في الوالد، لمّا هاتفني حمّة عوني ليعلمني بصوت مرتجف أنّ شكري بلعيد تعرّض لطلق ناري وقد يكون مات. ودون أن أفكّر لحظة في ما يمكن أن يخلّفه تشغيلي لجهاز التلفزة من استهجان لدى الأقرباء باعتبار حالة الحداد القائمة في البيت، اختليت في الصالون لأتابع الأخبار عبر الفضائيات. كنت موقنا أنّ الرّب لن يتخلّى عنه وعنّا. وللحظات ظللت متشبّثا بأمل أن يستفيق صديقي ورفيقي ويروي تفاصيل الحادثة وأوصاف المعتدي. لكنّ الحلم لم يطل فقد كان للحكمة الربّانية رأي آخر. اختارت تلك الحكمة التي لا تدركها حماقة قتلته أن تذكّرنا أنّ تونس لا تزال في حاجة إلى تقديم أعزّ ما تملك من أبنائها لتعمّد ثورتها وتجذّر شعاراتها وأهدافها. وكانت ردّة الفعل فورية كالطّفح الجلدي الدّال على مناعة الجسد. خرجت الجماهير في جميع مدن تونس مولولة وهادرة وثائرة على المجرم الجبان وباكية شهيدها . فكّرت فوريا في سنان العزّابي رفيقه العليل ولكنّني لم أقو على مهاتفته . ثمّ دخلت في حالة من الذهول استمرّت حتى يوم الجنازة .   قبل أن ألتح

عشر استراتيجيات للتلاعب بالجماهير

طرح عالم اللسانيات الأمريكي نووام شومسكي في جانفي 2011 الاستراتيجيات العشر التي تستعملها وسائل الإعلام للتلاعب  بالجمهور. نلخّصها ونتونسها في ما يلي:   1. استراتيجيا الإلهاء   إغراق الرّأي العام في سيل من المسائل الهامشية بغاية تحويل الأنظار عن القضية الرّئيسية. أشرطة "برسوبوليس" و «Ni Dieu, ni maître» و "براءة المسلمين" وأحداث قصر العبدليّة كنماذج 2. افتعل مشكلا، ثم اطرح حله الجاهز مسبقا افتعال مشاكل لا أساس لها في الواقع وفرضها على أجندات الناس الذين يسقطون في الفخ ويجدون أنفسهم يطالبون بإجراءات لم يكونوا يحبّذونها في الأصل، كتصعيد وتيرة العنف لدفع النّاس إلى المطالبة بالحزم الأمني والتنازل عن الحرّيات، ومن ثمّة طرح الحلول المعدّة سلفا باعتبار تجهيزها عند التخطيط للمشكل. 3. استراتيجيا القضم تقبل الإجراءات اللاشعبية عند تطبيقها بالتدرّج على مراحل. وبعد فترة ينتبه النّاس إلى الكمّ الهائل من الإجراءات التي قبلوها والتي لو طبّقت دفعة واحدة لأدّت إلى ثورة عارمة. 4. استراتيجيا التهيئة النفسية إقناع النّاس بحتمية التضحية، مع تخفيف معاناتهم بتأ

درّاجة "الروت إيكس"

إلى العزيزة لبنى التي أوحت لي بفكرة هذا النص  في صباحات الشتاء الباردة، أشغّل المحرّك فتدبّ الحرارة في الهيكل المعدني للسيّارة رويدا رويدا. تتمطّى القطة النائمة في صندوق المحرّك وقد غمرها الدّفء وتنتعش فتأخذ في المواء فرحا. لكن، لمّا تبلغ حرارة المعدن حدّا لا يطاق تقفز القطّة مذعورة وهي ترمقني بنظرة تمزج بين الامتنان والعتاب. أحيانا تقفز لوحدها وأحيانا أخرى يقفز معها ذلك القط النمري الأصهب. ويكون ذلك علامة على جاهزية المحرّك لأنّ إبرة الحرارة على لوحة القيادة معطّبة. اعتدت أن أنتظر ابتعاد القطّة حتّى أغادر المرآب. لكنّني يومها لم أنتبه لتخلّف القط النمري الأصهب بين العجلات، ولمّا انطلقت السيارة سمعت صرخته التي تحوّلت من مواء إلى عواء حاد وقصير جعل صورة أمعائه المطروحة على الإسفلت تسيطر على خيالي. تسمّرت مكاني عاجزا على ضغط دوّاسة السرعة. كتمت صوت المحرّك وغادرت السيّارة دون أن أقوى على التطلّع إلى ما تحتها، وامتطيت تاكسي. طوال المسافة على "الرّوت إيكس" كان الإحساس بأنّني قتلت كائنا حيا يخنقني، والخوف من الوصول متأخرا إلى حصّة الامتحان يوتّرني. وزاد من ت