Articles

Affichage des articles du décembre, 2018

البوليرو

(1) شِيــــــــكٌ من خشب "هل تعلمون لماذا كنّا نحبّه ولا نزال؟" سأل الشرطي المتقاعد جلاّسه حول طاولة صباحية على رصيف مقهــى الشارع الكبير، ثم صمت برهة كأنّما ليمكّنهم من إلقاء نظرة على الفنّان وهو يمرّ أمامهم، قبل أن يسترسل: "ببساطة، لأنّه كان يعرف كيف يدغدغ مشاعرنا ويوقظ فينا إنسانيتنا التي كنّا نكتم أنفاسها وراء ستار تطبيق القانون... معه هو، لم نكن نطبّق القانون... كانت إنسانيته تكتم أنفاس القانون... أذكـــر ذات دورة من مهرجان الأغنيـــة، كان الاختتام في ليلة شتوية باردة وممطرة... جاءنا إشعار بأنّ موسيقيا سكرانا يحدث هرجا في قاعة المسرح قبل انطلاق الحفل... كان غاضبا من إدارة القاعة التي لم توفّـــر جهاز بيانو ضروريا لتنفيذ أغنيته... ثار على قائد الفرقة الذي قال أنّه سيتدبّر أمره وينفّذ ما كتبه الملحّــــن للبيانو بآلة الأورغ... لمّا وصلنا هناك، وجدناه يقول كلاما عن الفرق بين البلّـــور والكريستال، والحاضرون موزّعون بين ضاحك وغاضب... خاطبه الضابط باسمه في لهجة حادّة، وكان بينهما سابق تعامل بسبب صعلكات ليلية. ولكنّ الفنّان ردّ عليه بأنّه ما بقي إل

إيــــفا

كلّ ما في ذلك المطعم يجعله مميّزا عن غيره من المطاعم التي تعجّ بها منطقة باب البحر... قاعة ذات سقف عال تدور فيه مراوح كهربائية بوتيرة هادئة. إضاءة خافتة. جهاز تلفزيون بالأسود والأبيض مثبّت في أعلى الجدار يكاد يلامس السقف، تتحرّك على شاشته صور صامتة. دورة مياه لافتة النظافة... طاولات وكراس خشبية من الطراز الشرقي القديم. طواقم الصحون والملاعق صقيلة لمّاعة... قائمة الطعام لا تخلو من الخضار المطبوخ على البخار، ومن وجبة " ال پ ايلا " الإسبانية المكوّنة من الأرز المطبوخ مع غلال البحر... المطعم لا يقدّم لحم الضان الذي يتهافت عليه أهل تونس... نوادل يخدمون الزبائن بوجوه متجهّمة تُذْهِبُ الشهية... الحرفاء معتادون في أغلبهم على المكان، يحضرون في أوقات منتظمة ويجلسون في ذات الأماكن كما لو أنّ÷ا محجوزة بأسمائهم. أغلب الحرفاء من المسنّين المقيمين في العمارات المجاورة من ذوي الديانة المسيحية... تحسّ وأنت تتأمّلهم كأنّما نسيتهم فرنسا وهي تغادر تونس في عجلة من أمرها، فتُرِكُوا لحالهم يلفّهم التهميش والنسيان. من بين الحرفاء أيضا موظّفون طالت عزوبتهم مثلي، وبعض سيّاح هم أيضا مسنّون تحسّ