Articles

Affichage des articles du juin, 2022

الحضرة: أو عشرون سنة من النافات بين المادي والروحاني

  منذ دشّن مشروعه الأثنوموسيقي الهادف إلى تصنيف مدوّنة الموسيقى الشعبية التونسية، وبالتحديد منذ عرض النوبة في مطلع تسعينات القرن الماضي، ما انفكّ الفاضل الجزيري يمدّ الجسور بين المادّي والروحاني لدى هذا الشعب... بالتشريح الأثنولوجي المجهري لتفاصيل المعيش المضمّخ بالموروث الحي من طقوس وعادات ولباس وحلي وزينة ومفاخرات وفحوليات ومماحكات وتواطؤات وغمزات وتضمينات وتضرّعات، وتركيب كلّ ذلك على التعبير الموسيقي النابع من المعيش اليومي والملتصق به، مستفيدا من مهاراته ومعارفه المسرحية في التوضيب الرّكحي وإدارة الممثّل ومستعينا بكفاءات في التوزيع الموسيقي الذي يكشف الأبعاد الجمالية المخفية في ثنايا آهات الشعب وابتهالاته ورقصاته، بهذا النسيج المركّب، تمكّن الجزيري من تفجير مكنون الوجدان الجماعي ومصالحة الأجيال الجديدة مع نبض أجدادهم، ولكن أيضا من جعل الأجداد يحسّون نبض العصر ويحضنونه ليكتشفوا الطاقات الخلاّقة لدى أحفادهم... هكذا، ومن خلال هذا المشغل الاثنوموسيقي، نجح الفاضل الجزيري في تعهّد الجين الفني والثقافي لهذا الشعب ونقله عبر الزمن، بنفس نجاح الإنسان في المحافظة على شعلة النار