Articles

Affichage des articles du septembre, 2014

عبد الملك البوليس

وأنا أغادر مقهى "دعبس"، اعترضني سي عبد الملك البوليس فبادرني بتحية حارّة وأصرّ على دعوتي إلى شرب قهوة لم يدفع ثمنها للفتى النادل. سألني كيف سأقضي عيد الإضحى وهل اشتريت خروفا وإن كنت سأعمل يوم العيد أم سأستريح؟ كنت أجيبه بكامل العفوية في شيء من الزّهو بالظهور صحبته في مكان عام. لمّا جمع منّي كلّ البيانات، فاجأني بطلب غريب لم أكن أتوقّعه، حيث سألني أن أعيره سيّارتي ليسافر بها إلى قريته بالشمال الغربي لقضاء عطلة العيد. وبكثير من الحرج، اعتذرت له عن عدم تلبية طلبه معوّما رفضي في قالب مزحة "شيئان لا يمكن إعارتهما: الزّوجة والسيّارة". بدا واضحا أن سي عبد الملك لم يستسغ جوابي فتصنّع ابتسامة وغادرني متوتّرا، فيما بقيت مكاني بالمقهى مستغربا كيف تجرّأ على طلب كهذا؟ كنت أعرف أنّه طمّاع، لكنّني لم أتصوّر أن يصل به الأمر إلى حدّ تجريدي من سيّارتي ثلاثة أيام كاملة. ألم يقدّر أنّني قد أحتاجها لقضاء شؤون خاصة أو لزيارة الأهل يوم العيد؟ ثمّ إنّ علاقتي به ليست من المتانة حتى تسمح له بطلب كهذا. فقد فرضت عليّ صداقته منذ صار حاجزا مكانا له بالمجّان على متن سيّارتي التي أستغلّه

تسونامي

أسبوع واحد كان كافيا لتنشأ لي مع روّاد ذلك المقهى وشائج غير معلنة. مقهى يقع في تلّة غابية خارج ضوضاء المدينة "متعاليا" عن البحر وزحمته، مكتفيا منه بإطلالة على خيط أزرق يشعّ بلمعات فضية تحلّي الأخضر الغابي المسيطر على المكان. مبنى بسيط من الخشب البُنِّيّ ذو سقف قرمودي قصير يظلّل رواقا غير فسيح ولكنّه يفتح على مساحة كبيرة يغطّيها عشب مشذّب بعناية تناثرت فوقه أشجار زيتون قديم. يحيط بالفضاء سياجٌ من أشجار السرو والصنوبر التي تنشر في الجو هواء يبهج النفس ويفتح العقل. تحت كل زيتونة نبتت طاو لة خشبية كأنّما هي امتداد لأغصان الزيتونة المعمّرة. يتوزّع الحرفاء على الطّاولات في هدوء يجعل الناظر إليهم يحسبهم من أهل الفكر والفن... حتّى النّوادل يتحرّكون في هدوء ويتكلّمون بأصوات خفيضة... صوت واحد يخترق تلك السكينة التي تغلّف المكان دون أن يزعج في الظّاهر أحدا، هو صوت ضابط الشرطة الذي يقع المقهى في نطاق خدمته. يسلّم حال وصوله على الجميع بصوت عال كأنّما يريد أن يوقظهم من خدرهم الجميل. ويحرص على مصافحة البعض والتوقّف عند طاولاتهم متلصّصا في صفاقة على صفحات جرائدهم وشا