Articles

Affichage des articles du août, 2016

مناورة

فشلت كل مساعي الوساطة في إقناع أحد الطرفين بتغيير رأيه. وأمام رجال الحومة، ضرب سلومة كفّا بكف في ما فهم منه الحاضرون تسليما بفشله وقال" "يا عباد اللّه، ليست الحلول والمقترحات المعقولة هي التي تنقصنا، ولكنّه العناد والمكابرة لمّا يتمكنّان بالبشر. وإلاّ، كيف يصرّ كلاهما على نفس التاريخ والمكان مع أنّ في ذلك مضرّة للجميع؟!" استرسل سلومة شارحا الوضع: "يقول الحاج عبد ال عزيز أنّه لا يستطيع تغيير مكان العرس ولا تاريخ السهرة، لأنّه وزّع الدعوات بتاريخ ليلة الأحد وفي بطحاء الحومة. بينما يصرّ مختار الوريمي أنّه لا يقبل بإقامة السهرة في مكان بعيد عن بيته وذويه. وأنتم تعلمون يا عباد اللّه أنّ القلوب لو صفيت لتوصّلنا إلى حل يرضي الجميع." كان سلومة، بكلامه عن عدم صفاء القلوب، يلمّح إلى ما يعرفه الكلّ عن العداوة بين عزّوز والمخ. عداوة نشأت بعد الثورة وأنهت عشرة سنوات طويلة جمعتهما في اليابسة والبحر... كان السمك قد شحّ منذ ما قبل الثورة في خليج حلق الوادي-المرسى بفعل أحواض تربية الأسماك البحرية التي أقامها أصهار الرئيس، ولم يكن لهما مراكب تقوى

المعشعش

أمام استحالة إقناع والده بفرز الورق قبل الإلقاء به في فوهة تلك الطاحونة العملاقة التي تعجنه لتعيد إخراجه ورقا صالحا للف البضائع، طلب كمال الإشراف على وردية اللّيل حتى يمكنه انتقاء بعض الحزم وفرزها حسب تقديره لأهميّة مصدر الورق. كانت فكرة تأسيس المصنع قد نبتت في ذهن والده صاحب الحس الاستثماري المتطوّر منذ بدأت شركة استغلال المنجم في تصفية نشاطها بقرى الجهة. حدس والده أنّ إدارات عديدة بقاؤها مرتبط بوجود الشركة المنجمية ستتوقّف عن النشاط وتتخلّص بدورها من أوراقها. فإذا أضفنا إلى ذلك الفواضل الورقية للمدارس والمعاهد والمستشفى والصيدليات ومحطّة القطار ومكتب البريد وقصر البلدية وغيرها من المؤسّسات فإنّ المادّة الأوّلية لاشتغال المصنع وضمان ربحيّة النشاط مؤمّنة لفترة لا تقل عن خمس سنوات . لا يعود الحس الوثائقي لدى الابن كمال إلى مجرّد كونه خرّيج معهد الأرشيف بجامعة منّوبة، وإنّما أيضا إلى اندهاشه الطفولي بتلك الحروف مختلفة الألوان والأحجام والأوضاع التي يشاهدها على ظهر ورق لفّ اللحم والسكّر.. كان كلّما أمسك بقطعة من ذلك الورق الأشخم السميك وتأمّل الحروف المتناثرة في فوضى على مساحت

تأبين

كان اهتمامه في السنوات الأولى التي تلت قدومه إلى العاصمة منصرفا إلى الاقتراب من المشاهير والتقاط الصّور معهم. ولم يكن ذلك بالأمر السّهل لذلك الطّالب الفتيّ القادم من الجنوب. فقد كان عليه أن يتحمّل الاحتقار والإذلال والصدّ وتعنيف الحرّاس الشخصيين والشرطة. كان يتدبّر أمره للفوز ببطاقة دعوى إلى مهرجان ويتردّد طيلة أسبوع على حديقة الرياضة أ كي يحصل على بطاقة دخول لمباراة فريقه المفضّل في نهاية الأسبوع. سعادته، كل سعادته هي في الفوز بصورة فوتوغرافية إلى جانب الطّاهر الشايبي أو أحمد حمزة. يحتفظ بكل صوره الثمينة في ألبوم خاص لا يفارقه في تنقلاته بين العاصمة وقريته بالجنوب التونسي. وحتّى يصدّق النّاس ما يرويه لهم من تفاصيل دقيقة عن حياة المشاهير كان عليه أن يقرأ كل الحوارات التي يتحدّثون فيها عن أكلتهم المفضّلة أو عن حكمتهم في الحياة. فينسج منها وقائع خيالية يحشر فيها نفسه ويرويها على أبناء قريته في المقهى أو على أفراد العائلة وهو يقلّب صفحات الألبوم. كأن يقول "ذات مرّة، كنت أتناول صحنا من الأرز الجربي مع "مجدة" عند بنت الباي..." فيقاطعه أحدهم "من يكون مجدة

حلّوا عن سمايا

أمّا وقد فعلتها ومتّ في غيابي فإنّني لا أطلب منك معجزة... لتغفر لي أوّلا هذه المجاهرة بحميمياتنا أمام الفايسبوكيين، فقد أجبرتني عليها بموتك الفجائي والحال أنّنا تواعدنا قبله بأسبوع على اللقاء صيفا. طلبي بسيط... فقط، لو كان بإمكانك أن تقطع نومتك الأبدية لتحضر معي هذا الصّباح الطريّ بالجريد في ذلك الركن المحبّب لنا. مرّ أكثر من عام على زيارتي له للأسباب التي تعرف. قد تكون جئت إلى هنا في غيابي لختام سكرة مجنونة تكون قد بدأت في الرديّف لتتواصل في أم العرائس ومنها مباشرة إلى هنا في توزر. أتوقّع ذلك منك، فهو من الطقوس المألوفة لديك . لكنّك على أيّة حال، لم تحدّثني عن تغييرات أدخلت على المحل. لم يكن ذلك سيفوتك لو أنّك أدركت التغييرات. كنت ستصرف فيه بطاقة شحن هانقي بعشرين دينارا.  يا صديقي بلقاسم، المكان غدا شيئا آخر، تماما كما حلمنا به ذات يوم لمّا دخل فريق تصوير سينمائي فتمنّيت أنا لو أنّ توزر وفّرت لأولئك الفنّانين ظروفا أفضل للعمل. لكنّك تحفّظت قائلا أنّ تلك هي حقيقة اليلاد والعباد. مرحبا بالجزائريين والهولنديين وضيوف مهرحان الشعر بتوزر كما هي بصعاليكها ومهمّشيها وفقرائها وقحابها. شعراؤه