Articles

Affichage des articles du mai, 2016

20 شارع باريس

Image
20 شارع باريس، تونس... قد يبدو في الظاهر مجرّد عنوان بريدي، لكنّه في الحقيقة عنوان جنّة تأوي حياة داخل قصر بديع مزدحم بالرموز والمعاني. متى بني هذا القصر؟ وماذا كان عند افتتاحه ؟ أسئلة لا أعرف لها جوابا ولكنّني أسوقها آملا في جواب ضمن تفاعلاتكم . انطلقت علاقتي مع هذه البناية في أفريل 1984، ثلاثة أشهر بعد انتفاضة الخبز. كنت لا أزال طالبا بمعهد الصحافة في سنتي الثالثة وكنت أترصّد عرض شغل يناسب شهادة المرحلة الأولى للدراسات الجامعية التي كنت تحصّلت عليها في السنة السابقة. وأنا في الحافلة رقم 8 التي تربط مونفلوري بوسط العاصمة، سمعت أستاذي المرحوم عبد الحميد العجمي يحدّث جمعا من الطلبة المتحلّقين حوله عن حاجة المعهد العالي للموسيقى حديث النشأة إلى مكتبي، فما كان منّي إلاّ أن نزلت من الحافلة لأتوجّه رأسا إلى 20 شارع باريس حيث قابلت الكاتب العام سي محمّد الصالح الرصّاع صاحب دار سحر للنّشر حاليا، وقدّمت مطلبا للتشغيل بصفة مكتبي مساعد دعّمته بنسخة من شهادتي. تأمّلني سي محمّد الصّالح ويبدو أنّه أشفق لحالي من خلال بؤس مظهري، فهاتف سي المنصف بن عمارة مسؤول الموارد البشرية بوزارة الثقا

الوِلْدْ

عرفته في طفولتي بكنية "حسين البومة"، كان جارا لنا في حي نزلة السوافة. رجل أسود كليل حالك الظلمة لا تتبيّن منه إلاّ عينيه اللامعتين كقط في العتمة. طويل ونحيف ومسالم في صحوه. لكنّه كثير السكر، وسريعه وسيّئه. عندما يشرب لا يعرف متى يتوقّف، ويعود إلى بيته في حالة رثّة، بفردة حذاء واحدة، أو دون شاشية، أو بملابس ممزّقة، وقد يكون مصابا بكدمات نتيجة اصطدامه بجدران الأزقة الضيقة وسقوطه أكثر من مرّة... يعود إلى بيته متأخّرا فيعلو الصياح في البيت وغالبا ما يعنّف زوجته... والحق الحق أنّ تلك كانت حال أغلب رجال الحي من عملة المنجم. ولذلك لم يكن أحد يستاء منه . لكنّ عم حسين كان متميّزا عن رجال الحي بشيء، هو إتقانه الرّقص. حتّى أنّه لا يكتمل نجاح عرس من الأعراس ما لم يرقص فيه حسين البومة. يتعمّد أصحاب العرس أن يمرّ المحفل أمام بيته ليظفروا منه بتلك الرّقصة التي تلهب حماس المحتفلين فتكون بمثابة التعميدة. لكم يحلو لعم حسين أن يفاخر بالقول: "أنا لا أذهب إلى الأعراس، ه ي التي تأتيني". لم يكن عم حسين يخيّب أحدا، لأنّه ببساطة لا يقوى على مقاومة دافع داخلي يجعله يق