حتّى لا أنسى

التحقت ببطحاء محمد علي بعد الثامنة صباحا بقليل... مع الثامنة والنصف، بدا الشد والجذب المعتادان بين القوى السياسية لأخذ قصب السبق وتزعّم المسيرة المنتظرة. أطراف تنادي بالتريّث أكثر ريثما يكبر التجمّع وأخرى ترى ضرورة الخروج الفوري بالمسيرة. بعد محاولتين فاشلتين للانطلاق، وجدتني في كوكبة تتقدّم مظاهرة متوسطة العدد تتوجّه نحو نهج روما. في مفترق نهج روما، انقسمنا شقّين: بعضنا ينادي بالانعطاف يسارا باتجاه الباسّاج، للتعبئة في انتظار أن تكبر المظاهرة وبعدها تتوجّه إلى شارع بورقيبة، وبعضنا يرى ضرورة أن تتوجّه رأسا إلى شارع بورقيبة كنت من الشق الأوّل، لكنّ الشق الثاني نجح في جرّنا باتجاه شارع بورقيبة. عند بلوغنا ساحة ابن خلدون، كان هناك صف من وحدات البوليس المدجّجة بكل أنواع العتاد. ولكنّنا فوجئنا بطراوة صفّهم وهشاشة صدّهم. لم نلق منهم أدنى مقاومة ونحن ندفعهم لنشق صفّهم ونمرّ. كانت كلّ مداخل شارع بورقيبة الجانبية مفتوحة وسرعان ما انتشر الخبر، فتقاطرت الجموع من كلّ صوب. سمعنا بعد سقوط بن علي، أنّ محمّد الغرياني الأمين العام للتجمّع، كان قد حشد داخل أسوار دار التجمّع ...