جريمة قتل رجل ساخن جدّا بدم بارد في صباح بارد
في ذلك الصباح السيبيري المشمس، كنت وأخواي نشعل ما يكفي من كوانين الحطب لتدفئة جموع من جاؤوا يعزّوننا في الوالد، لمّا هاتفني حمّة عوني ليعلمني بصوت مرتجف أنّ شكري بلعيد تعرّض لطلق ناري وقد يكون مات. ودون أن أفكّر لحظة في ما يمكن أن يخلّفه تشغيلي لجهاز التلفزة من استهجان لدى الأقرباء باعتبار حالة الحداد القائمة في البيت، اختليت في الصالون لأتابع الأخبار عبر الفضائيات. كنت موقنا أنّ الرّب لن يتخلّى عنه وعنّا. وللحظات ظللت متشبّثا بأمل أن يستفيق صديقي ورفيقي ويروي تفاصيل الحادثة وأوصاف المعتدي. لكنّ الحلم لم يطل فقد كان للحكمة الربّانية رأي آخر. اختارت تلك الحكمة التي لا تدركها حماقة قتلته أن تذكّرنا أنّ تونس لا تزال في حاجة إلى تقديم أعزّ ما تملك من أبنائها لتعمّد ثورتها وتجذّر شعاراتها وأهدافها. وكانت ردّة الفعل فورية كالطّفح الجلدي الدّال على مناعة الجسد. خرجت الجماهير في جميع مدن تونس مولولة وهادرة وثائرة على المجرم الجبان وباكية شهيدها . فكّرت فوريا في سنان العزّابي رفيقه العليل ولكنّني لم أقو على مهاتفته . ثمّ دخلت في حالة من الذهول استمرّت حتى يوم الجنازة . قبل أن ...