Articles

Affichage des articles du février, 2016

الله كريم يحب التوابين

"الله كريم ويقبل التّوبة الصّادقة"، هذا ما يردّده الصحبي كلّ مرّة ل مّا يصعد درجات الصّومعة الضيّقة كي يؤذّن للصّلاة. مائة وخمسون درجا ملولبة عموديا في شكل حلزوني، تتخّلّلها فتحات صغيرة للتهوئة والإضاءة . يصرّ الصّحبي منذ تعيينه وكيلا على المسجد مكلّفا ب إقامة الأذان و النظافة وتسخين الماء، على صعود الصومعة في كل صلاة لإقامة الأذان مستغنيا عن الميكروفون المتوفّر في الأسفل والموصول بالبوق المثبّت في أعلى الصّومعة. لم يصغ لنصيحة عديد المصلّين الذين أشفقوا عليه من عناء الأ لف وخمسمائة درجا التي يقطعها صعودا ونزولا على مدى الصلوات الخمس، رغم تنبيه كثيرين عليه من خطر الأزمات القلبية بسبب بدانته المفرطة. كان الصعود يستغرق منه ربع ساعة أو يزيد لكثرة الاستراحات التي يقوم بها مضطرا بعدما ينقطع عليه النفس في الصعود، وكذا الشأن عند النزول بسبب حدّة وخزات عضام الرّكبتين الناتج عن ثقل وزنه. يبدو الصحبي أكبر بكثير من الأربعين سنة التي تجاوزها بعد تعيينه وكيلا للمسجد بشهرين . كان قبل الثورة يعيش من تهريب الأغنام ال ذ ي كان ي درّ عليه مكسبا وفيرا، لكنّ فلوس الحرام لا تثمر أ

المكتبة العمومية "أندري ميغال"

لم يشأ السيّد ميغال أن يجمع أوراقه بنفس السرعة التي جمع بها ملابسه في الحقيبة الجلدية. أوراقه مجموعة من الكراريس والدفاتر والمفكّرات والأوراق المتناثرة كان يدوّن عليها أفكاره ومسودّات نصوصه... لم يكن من السهل عليه أن يغادر تلك القرية الواقعة في الصحراء التونسية والتي سحرته ببساطتها عندما عبرها مع العساكر الألمان والإيطاليين في ربيع سنة 1943 أيّام الحرب العالمية الثانية. ولأنّه لم يستطع نسيان عيون أطفالها الحفاة المتلألأة فرحا بعلب السردين والشوكولاطة التي كان العساكر يوزّعونها عليهم، فإنّه عاد إلى القرية في الستّينات مدرّسا متعاونا ليقضي بقية حياته بين أهلها حتى غدا واحدا منهم... لم يفكّر يوما في مغادرتها وهي التي بادلته حبا بحب... هدوءها وطيبة أهلها وبساطة العيش فيها ودفء شمسها ونعومة رمالها ونقاء هواءها، كلّها عوامل جعلته يستطيب المقام فيها. حتّى استحالة زواجه من إحدى زميلاته بسبب اختلاف ديانتيهما لم تدفعه إلى مغادرة القرية. وها هو اليوم بعد التقاعد كاتب معروف ينشر قصصه في أشهر المجلاّت الأدبية. قصص هو مدين بها لهذه القرية التي لولاها ما كان ليجد القريحة والقدرة على الت