الـتّأرجح بين عبق الذّكرى ومشرط الذّاكرة...

الذّكرى فردية وذاتيّة، للأحداث فيها طعم ورائحة. أمّا الذّاكرة، فجماعية - وموضوعية، لا مكان فيها للعواطف. الذكرى تسكن القلب أمّا الذّاكرة فتعشّش في العقل. الذكرى باطنية كالشتاء والذّاكرة خارجية كالصيف. الذّكرى غائمة كجيب المعطف الدّاخلي تلوذ به الأصابع فتجده ناعما ودافئا ولكنّه مبهم وغامض. والذّاكرة مرتّبة وسافرة كألبوم صور لأسرة إقطاعية ضاع مجدها وولّى عهدها. للذّكرى تأتأة المحبّ ولون الغروب ورائحة الفجر. وللذّاكرة حياد المشرط بيد الجرّاح ووضوح القيلولة القائظة وعراء الصحراء القاسي. في الذّكرى تسلّقت جدار المبيت الجامعي للتحدّث إلى حبيبتي عبر النافذة، أمّا في الذّاكرة فحضرت تجمّعات طلابية وتابعت خطب الزّعماء بالمركّب الجامعي. الذكرى شهوة وغواية وخطيئة عذبة، أمّا الذّاكرة فحاجة ملحّة وحلال لا طعم له. الذّكرى عادة سرّية والذّاكرة واجب علني كتحية العلم كل صباح في المدرسة. الذّكرى صلاة فردية والذّاكرة مظاهرة جماعية. الذّكرى كيمياء الحواس والذّاكرة ركام الشواهد. الذّكرى مضيّفة ساحرة والذّاكرة بوّاب في مدخل ملهى ليلي. الذّكرى غمضة ع...