موقعة العلم، وولادة بطلة

يحصل أن تتّفق جماعة بشرية (شعب أو قبيلة أو فئة عمرية كالشباب مثلا أو مهنية كالعمّال مثلا أو جمهور فريق رياضي، الخ.) على هدف تتمنّى تحقيقه ولكنّها تظل عاجزة على ذلك، سواء حاولت أم لم تحاول، حتّى يأتي شخص يتصدّى للمهمّة بشجاعة متحمّلا عبء الجماعة بمفرده ومعرّضا نفسه للخطر. ولمّا يحقّق ما كان في عيون الجماعة صعب المنال، يحوز إكبارها ويغدو في نظرها رمزا يجسّد قيم الشجاعة والتضحية والنجاح. هكذا يولد البطل بعفوية وإجماع تعجز على تحقيقه المفاوضات والتوافقات بل والانتخابات. بعد ذلك يأتي دور الإعلام الذّي يتولّى إشهار ذلك الفعل اللافت مضاعفا من وزنه الرّمزي كلّما انتشر أكثر. ينطبق هذا التوصيف على ما قامت به خولة الرّشيدي طالبة قسم الفرنسية بكلية آداب منّوبة في ما صار يعرف بواقعة العلم التونسي. نقول هذا لأنّ حركة خولة غير المحسوبة (وفي ذلك قوّة شحنتها الرّمزية) جاءت لتصالح الطالب التونسي مع نفسه وتعيد إليه ثقته بنفسه واعتزازه بصفته كطالب وهو الذي وجد نفسه في مأزق، مسحوقا كالحشرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر عندما اندلعت أزمة النقاب بالجامعة التونسية. فمن كان يجرؤ على المساس ب"سادة" الجا...