الشهداء في سوق المزاد
في كل مناسبة وطنية، تنشط بورصة شهداء الثورة وجرحاها ويرتفع المزاد السياسي والحزبي والجهوي والمادّي فيخرج علينا أقارب الشهداء ملوّحين بصور أبنائهم الذين نالهم شرف الاستشهاد متنافسين في تضخيم حجم هذه الصور حتى أفقدت أبناءهم وجههم الإنساني وحوّلتهم إلى غيلان وتنانين مخيفة تهدّد بابتلاع الجميع... يُدْفًعُ بأقارب الشهداء وأغلبهم من المواطنين الفقراء إلى الصفوف الأولى من المزاد ليردّدوا في مشهد مذل: "نحن لا نطالب بشيء سوى حق أبناءنا"، ولكن لا أحد منهم يقول لنا ما هو حق أبناءهم بالضبط؟ بينما يتكفّل من وضعهم في ذلك الموقع بالمزاد السياسي ويصمّ أذاننا بلغة خشبية عن هذا الملف الحارق وعن قداسة دم الشهداء ويذرّ على كلامه توابل من معاناة أهل الشهيد لترفيع المزاد. ولنقلها صريحة وواضحة: "الشهادة ليست ريعا أو وقفا (حْبُسْ) حتى تتمّ المطالبة بمرددودها بهذا الشكل الرّخيص. وقد جرّب التونسيون ثقافة الريع الاستشهادي من نوع مقايضة الشهادة برخصة "قمرق دخّان" و"رخصة بيع الشراب" و"رخصة اللوّاج"، إلخ. من استشار الشهيد في المزايدة بدمه؟ من يملك...