الحبس في غرفة القبو

قصّة للكبار الذين لا يزال الط فل حيّا فيهم... طلّقت "ماما" "بابا" لأسباب عجزت عن إقناعنا بها أنا وأختي حتى قالت لنا ذات يوم "ستفهمان ماما ذات يوم عندما تكبران" ثمّ تزوّجت رجلا محبّا للثقافة والفن. ومنذ البداية أبدى زوجها هذا حرصا كبيرا على اصطحابنا إلى المتاحف والمواقع الأثرية والعروض الفنية والمهرجانات. وقد نجح بإصراره على ذلك في استمالتنا وحيازة صداقتنا، دون أن يصل بنا الأمر حدّ محبّته، لأنّه ظلّ ذلك الرّجل البرّاني الذي افتكّ مكان أبي في الأسرة ، مثلما كانت عمّتي تذكره بحقد . هذا بالإضافة إلى أنّه كان يبدو لنا رجلا مبالغا في الجدّية. فلا شيء في نظره مجاني أو اعتباطي. تراه طوال الوقت يردّد أنّه على كل شخص أن يتحمّل مسؤولية أقواله وأفعاله. إذ لا يمكنك مثلا أن تطلب قهوة بالحليب ثمّ تغيّر رأيك لتطلب حليبا فقط بعد أن تكون ماما قد سكبت القهوة في كأسك. وليس من حقّك أن تفتح باب الثلاّجة بدافع الفضول كلّما دخلت المطبخ. وهو لا يحبّ أن يسأل عمّن كان يحادثه في الهاتف. يسهب في تفسير كل شيء حتّى ينفخ رأسينا أنا وأختي بمواعظه وتفاسيره العلمية عن التغذية السل...