سحر المذياع
أيام التعاضد ومصادرة أراضي الفلاحين الفقراء، كان صغار الملاّكين في الجريد يسارعون إلى بيع غاباتهم بما تيسّر. ولم تنجو غابة " قراب" التي كانت إرث سيدي وإخوته عن أبيه. كان نصيب سيدي من التفويت في " قراب" سنة 1969 ثمانين دينارا وخمس فردات ذهبية ومذياع من نوع فيليبس وبرنسا صوفيا . وفيما كانت المرحومة تحلّي معصمها بالفردات وترهنها كلّما ضاق بنا الحال عند يمينة زوجة محِمّد اللواجيست أو مريم زوجة كريّم الخبّاز، كان يحلو لسيدي أن يلتف في برنسه الصوفي الذي لازمه طوال حياته حتى بلى واهترأ دون أن يقدر على تجديده. كان يحضن داخل البرنس جهاز الرّاديون كما كان يسمّيه ويفتحه على أعلى مستوى مباهيا الجيران بما يمكله، ويسرح في نومة القيلولة بفناء البيت تحت شمس جانفي . ومن تحت تلافيف البرنس كان ينبعث صوت الزعيم بورقيبة ويتردّد في الأرجاء، فيبدو كأنّه هاتف سماوي، ويعقبه من حين لآخر صوت عبد العزيز العروي في البلاغات المحلية التي كانت عبارة عن جملة من البلاغات التي تبث باللغة العامية. وقد يتخلّل ذلك صوت المطرب الشعبي الكبير أحمد الخليفي عندما يغيّر سيدي المحطّة ليواكب برنامج ...