نقل جثّة
أدركنا قوس النصر الذي تستقبل به "القصرين" زائريها مع تباشير الفجر الأولى... كانت هناك نقطة تفتيش تضم شرطيّين يكاد الواحد منهما لا يتحرّك من فرط البرد، بادلانا التحية دون أن يوقفانا... كانت المدينة لا تزال نائمة وشارعها الرئيسي ممتدّ أمامنا بمنحنياته وتعرجاته المتفاعلة مع أعمدة الإنارة العمومية غير المنتظمة ومع ظلال أشجار الكالاتوس لتضفي على الإسفلت ما يشبه تلك البقع الداكنة التي ترقّط جلد الثعبان. طلب منّي عشيري أن أتوغّل صوب الجنوب حيث يقع المستشفى الجهوي عند سفح جبل الشعانبي الجاثم كتنّين هرم في أقصى المشهد المقابل. كان جميع من في السيارة صامتا والتوتّر يزداد كلّما اقتربنا من المستشفى، حتّى أنّني لم أنتبه إلى عبور شيخ شقّ الطريق أمامي فجأة فكدت أدوسه بالسيارة... استغلّ عشيري الحادثة ليكسر طوق الصّمت فقال "لابدّ أنّه المؤذّن أو وكيل المسجد يسرع لفتح الميضة وقاعة الصلاة للمصلّين. نحتاج قهوة ساخنة تبعث فينا شيئا من الدفء، ولن نجد ضالّتنا في مثل هذا الوقت إلاّ بمقهى المحطة." ثم أشعل سيجارة نفث دخانها داخل السيارة المغلقة كأنّما ليجبرني على التوقّف فورا. ون...