البريء
لم يكن اللقاء الأوّل مصادفة كما يبدو... فقد جاءت من بلدها لقضاء العطلة باحثة عنه، كما كان يتسكّع في محيط النزل باحثا عنها. لم يكن أحد منهما يعرف الآخر، ولكنّ كليهما كان يبحث عن شخص له مواصفات الآخر. لذلك كان اللقاء الأوّل يسيرا وسلسا. التقاها في محطّة القطار السياحي فافتعلت سؤالا توجّهت به إليه، ودون أن يكلّف نفسه عناء فهم سؤالها طفق يخاطبها بنتف من اللغة الفرنسية يخيطها بحركات يدوية وتعابير وجهية أضحكت كليهما. كان واضحا أنّها قد أعجبت بشبابه ورأت في فقره ما يجعل منه الشخص المناسب لها. وكان واضحا أيضا أنّه قد فهم غايتها بالضبط ورأى في سنّها ما يجعلها الشخص المناسب له. لم تمثّل اللّغة عائقا بينهما. فلم تكن بهما حاجة إلى كلام كثير. واكتفيا بابتسامات تشي بفرحة كلّ منهما بما سيغنمه من الآخر. دعاها إلى احتساء قهوة فاستجابت شرط أن تكون هي المضيفة... وعلى دكّة المقهى الأندلسي، دخّنا النرجيلة قبالة البحر في أمسية رائقة. كان سعيدا بعد يوم من الصيام المرهق والعمل الشاق في حضيرة البناء بالمنطقة السياحية. أمّا هي فقد أرته صور بلادها ومنزلها في الرّيف البلجيكي، بعدما أثنت على روعة تونس وعلى كرم أ...