De la signification d'être originaire du Bassin minier في معنى أن تكون ولد مينة

 تمثّل القرية المنجمية بيئة فريدة من جميع النواحي، أكانت اجتماعية أو عرقية أو ثقافية أو اقتصادية أو صحية، إلخ. حيث تتفاعل كل هذه الجوانب لتمنح الحياة المنجمية طابعا خاصا لا نجد له مثيلا في أي بيئة أخرى، حتى ليمكن الحديث عن هوية منجمية دون مبالغة. لكنّ هذه الهوية تقوم على مفارقة، تتمثل في أنّ المنجمي قد لا يشعر بصلة كبيرة تربطه بمواطن له يقطن بمدينة ساحلية أو بسهول الشمال، في حين يتماهى مع عامل منجم أيرلندي أو جنوب أفريقي. يتّخذ المنجميون من بزّة العمّال الزرقاء هويّة لهم أكثر ممّا هي الجبّة والشاشية لسائر بني وطنهم. ويؤثّر فيهم شريط البؤساء المقتبس عن رواية "جرمينال" للكاتب إيميل زولا أكثر من شريط الرسالة لمصطفى العقاد. ليس لكونهم أقلّ وطنية وتجذّرا في هويتهم، ولكنّ ذلك دليل انفتاحهم على الإنسانية وهمومها.

تنشأ المناجم في كل مكان من العالم بنفس الطريقة تقريبًا. هناك دائمًا رأس مال قادم من مكان آخر يأتي للاستقرار في منطقة لا يقدّر أهلها ما تحويه من ثروات، هذا إذا كانت مأهولة أصلا. ولاستخراج الثروة الباطنية يجلب رأس المال الاستثماري معدّات وينصب آلات ميكانيكية. وسرعان ما يتقاطر الفقراء الذين لا يملكون غير سواعدهم لبيع قوّة عملهم للمستثمر الوافد. تنبت قرية حول موقع المنجم وتجري فيها حياة على إيقاع دورة التأجير. وهذا يعطي نموذجا مميّزا من العيش والعلاقات والسلوكات والاقتصاد، يختلف عن نموذج الحصاد ذي الدورة السنوية أو الرّعي المرتكز على الترحّل أو التجارة المتمحور على المبادلة والاحتكار والمضاربة لتوسيع هامش الربح أو الريع الذي يعني دخلا ثابتا من استغلال عقار أو ثروة طبيعية وفيرة. وكلّما اشتدّت مشقة الحصول على الأجر ازدادت سهولة صرفه وتبخّر بسرعة أكبر. كأنّ عامل المنجم يريد مجازاة نفسه عن عناء العمل وتعويض ما عاشه من حرمان وضنك. يشجّعه على ذلك أمران. أوّلهما عدم كفاية الأجر إلى غاية صرف الأجر الموالي مهما قتّر العامل في الصّرف. وثانيهما أنّه يرى في الأفق راتبا جديدا قادما سيستعيد به النفس لأيّام قبل الغرق مجدّدا. كثيرا ما يردّ العامل المنجمي على انتقادات سكّان واحات الجريد المجاورة لسلوكه هذا الذي يرون فيه تهوّرا، بأنّه يفضّل أن يعيش ديكا لليلة على أن يعيش العمر دجاجة.

ليس للعمّال المؤسّسين للمنجم سابق معرفة ببعضهم البعض. كانوا يجيئون أنفارا من عدّة جهات وفيهم القادم من المغرب والجزائر وليبيا. يتعرّفون على بعض وهم منهمكون في استخراج التربة والصخور السوداء تحت الأنفاق الرّطبة الخانقة والدواميس المظلمة . لا يربطهم بعضهم ببعض لا الدم ولا القبيلة. وضعهم المشترك هو الذي يقرّبهم من بعض ويوحّدهم. ينشأ كلّ شيء في جوف الجبل وبين أحشائه: الصداقات، التحالفات، التكتلات، التحدّيات، البطولات، الشهرة، إلخ. هناك تُفْتَــكُّ الزعامة وتُكْتسب المصداقية وتظهر الكاريزما. ومن هناك تخرج إلى سطح الأرض وتنتشر بين أهل القرية.

تشكّلت جغرافيا الأحياء داخل القرية في البداية وفقًا لأصول العمال، فسمّيت بأسماء جهاتهم وأوطانهم ( بطيمة الجريدية، نزلة السوافى، نزلة الطرابلسية، المرّوك، إلخ.) وتشكّل هذه الأحياء حزاما حول مركز القرية الذي يأوي حي المهندسين والإطارات الإدارية حيث تقع كلّ المرافق الإدارية والصحية والترفيهية. وحول هذا الحزام الأوّل يقع حزام ثان تتوزّعه العروش والقبائل أصيلة الجهة التي كانت تعيش على نمط الرّعي القائم على التحرّر من قيود الزمان والمكان وهو نمط لا يتلاءم مع نمط العمل المؤجّر القائم على دورة زمنية مغلقة وعلى الاستقرار في المكان. وبالتالي استنكف أصحاب الأرض في البداية من العمل في المنجم.

لكن طبيعة العلاقات التي تنسج بين العمال في جوف المنجم لن تلبث أن تؤثّر على العلاقات الاجتماعية وجغرافية القرية بشكل عام. سيمثّل بناء شركة الفسفاط لأحياء سكنية خاصّة بالعمّال مناسبة لإعادة توزيع الأوراق والعلاقات. سيختار العمّال منازل إقامتهم في ضوء ما يربطهم من علاقات وود في فرق العمل دون اعتبار لروابط الدم والجهة والقبيلة. وستلعب هذه الأحياء العمّالية التي تعرف باسم الملاجئ دورا أساسيا في تشكّل طابع الحياة المنجمية التي تتميّز بأسلوب وإيقاع وعلاقات وقيم اجتماعية وثقافية متفرّدة. فالتجمعات السكانية المنجمية ليست مدنا بما يميّزها من كثافة سكانية عالية وتنوع اقتصادي ومحو للهوية الفردية وانطواء وفردانية وعنف ولا هي كمدن الجريد المجاورة تلك التجمعات الحضرية القديمة القائمة حذو الواحات والمنغلقة على ذاتها بما يصاحب ذلك من روح محافظة وعدم اختلاط بالآخر ودورة اقتصادية سنوية في علاقة بموسم جني التمور وهو ما يدفع الناس إلى الادخار وتوزيع المداخيل على كامل السنة وانتشار عادات التخزين والعولة.

للحياة المنجمية قدرة على الجمع بين قيم متضاربة في العادة. فالهوية الفردية غير ممحوّة في القرية المنجمية. ولكنّ ذلك لا يحدّ من حرية الفرد ولا يعزّز الرقابة الاجتماعية إلى حدّ تصير فيه خانقة للفرد. فالناس متحرّرون بسبب/بفضل المزيج الإثني. من ذلك مثلا أنّ الدعارة ليست معيارًا للإقصاء الاجتماعي وغالبية الزوفرية (العمال) يشربون الخمر، والناس على إيمانهم القوي ضعيفو الإقبال على الممارسة الدينية. وكما أسلفنا، كان وجود نخبة مكوّنة من المديرين التنفيذيين والمهندسين وراء توفير بنية تحتية إدارية وخدمات متطوّرة منذ فجر القرن العشرين، لم تكن متاحة حتى في المدن الكبرى (شبكات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والمستشفيات والمدارس ومكاتب البريد وخطوط الهاتف والسكك الحديدية ودور السينما وحتى ملاعب التنس).

لم يبق الأمر على هذا الحال طبعا بعد الاستقلال وخصوصا بعد رحيل آخر المهندسين الفرنسيين مع نهاية السبعينات من القرن الماضي. شهدت الثمانينيات إعادة هيكلة لشركة الفسفاط تمثّلت في مكننة العمل والاتجاه إلى غلق المناجم الباطنية مقابل الاستغلال السطحي وهو ما قلّل من عدد الحوادث القاتلة ومن عدد العمّال (التقاعد المبكّر) وخفّف من كلفة الاستخراج ورفّع الإنتاجية. وقد انعكس كلّ ذلك على رواتب العمّال التي شهدت ارتفاعا ملحوظا، مقابل انتشار كبير للبطالة بسبب تراجع فرص التشغيل بالمناجم. وسرعان ما انعكست هذه التغيّرات الهيكلية على نمط حياة الناس ونظام القيم لديهم. كانت التحوّلات تحصل في اتجاهات متشابكة ومتنافرة. صار التنافس على فرص التشغيل القليلة سببا في إحياء النعرات العروشية. وانتشرت ظاهرة المخدّرات وشرب الكحول التجاري وارتفعت الجريمة وتراجع الإيمان بدور المدرسة كمصعد اجتماعي وصار شباب القرى المنجمية يهاجرون إلى إيطاليا بالخصوص. في نفس الوقت، انتشر بين عمال شركة الفسفاط وموظّفيها سلوك استهلاكي استعراضي استفزازي. تلاشت ثقافة الجهد والتضحية بالنفس التي صنعت سمعة عمال المناجم وشحذت كبرياء أبنائهم وأحفادهم على مدى أجيال لتحلّ محلّها ثقافة غريبة من التباهي بالكسب السهل هي أقرب إلى ثقافة الريع البترولي التي كم كان التونسيون يستنكرونها من السواح الليبيين الذين يزورون تونس بحثا عن النبيذ والجنس.

صارت مدن الحوض المنجمي تعيش مفارقات غريبة من سماتها التفكك الاجتماعي والتشرذم القيمي. فأنت تشهد في الوقت جموعا من الشباب تتظاهر مطالبة بالتشغيل وبالعيش الكريم ليقابلها النظام بالرصاص والصعق بالكهرباء والسجن والتعذيب، ومن ناحية ثانية يصدمك انتشار منطق العروشية الذي وصل أوجه في مواجهات بين أولاد بويحي والجريدية بمدينة المتلوي وأسفر عن قتل أكثر من ثلاثين شخصا بوحشية قلّ نظيرها. كما تزداد انتشارا كل يوم ثقافة المباهاة بالشطارة والتواكل والفساد دون أن تلقى استنكارا من أحد، على الرّغم من أنّها تحصل في واضحة النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع. مسؤولون نقابيون مرتشون وفاسدون لا أحد يجرؤ على إحراجهم بسؤال "من أين لك هذا؟" فقط لأنّهم متمترسون وراء حصن العروشية المنيع، شركة الفسفاط هوت بفعل أبنائها أوّلا ومن أوصدت في وجوههم أبوابها ثانيا. الكلّ يطالب بنصيبه من هذه البقرة التي ركّعوها وأعملوا فيها السكاكين وحوّلوها إلى جثة لا تقوى على الحراك.

صحيح أنّ على الدولة ديونا ثقيلة يجب تسويتها تجاه مدن الحوض المنجمي وأهلها. لكن هذا لا يعني تبديد الثروة بهذا الغباء. لقد كلّف هذا المال أسلافنا الآلاف من الأرواح ولا يزال يكلفنا الأمراض التي نحملها طوال حياتنا كوشم يدلّ على هويتنا. لذلك دعونا نتوقف عن إهدارها، لأنّ الفرق شاسع بين البترودولار والفوسفادينار.

Un village minier est un milieu assez original sur tous les plans: social, ethnique, culturel, démographique, économique, écologique, sanitaire, administratif, etc. Toutes ces dimensions se conjuguent entre-elles pour faire du milieu minier un écosystème avec un mode de vie qui ne ressemble à aucun autre.

C’est ainsi qu’on peut parler d’une identité minière. Mais cette identité repose sur un paradoxe. C’est qu’un habitant de la mine peut ne ressentir aucune affinité avec un concitoyen du littoral, alors qu’il s’identifie à un mineur irlandiais ou sud-africain.

Les mineurs s'identifient beaucoup plus au Bleu du travail qu'à la Jebba et chéchia. Germinal d’Emile Zola les émeut beaucoup plus qu'Errissala de Moustapha Al Akkad. Ce n'est pas qu'ils manquent de patriotisme et d'enracinement. Mais c'est plutôt signe de leur humanisme et sensibilité à la condition humaine.

Les mines naissent presque partout dans le monde de la même manière. C’est toujours le capital conquérant qui vient s’installer sur un territoire délaissé par ses occupants (si occupants il y en a) pour investir dans l’extraction d’un minerai. Aussitôt des appareillages d'exploration du sol et des machines d’extraction sont installés, aussitôt les pauvres gens qui ne possèdent que leur force de travail affluent à la recherche du travail et un village pousse autour du site minier. La vie des gens est imprégnée par le modèle salarial par distinction d'autres modèles tels que le modèle rentier, commercial ou de la récolte. Cela veut dire aussi dur soit le gain du salaire aussi rapide soit sa dépense. la volatilité du salaire du mineur est due à la faiblaisse du salaire d'un côté. Mais elle s'explique aussi par le fait que le mineur est dépensier et ne fait pas d'épargne. Ce comportement de flambeur s'explique par la quête d'une sorte de compensation pour prendre sa revanche contre la misère et la privation, d'autant plus qu'il est sécurisé contre la ruine par le salaire suivant dans quinze jours. Le mineur aime rétorquer à ses détracteurs conservateurs et peu dépensiers des oasis du Djérid par cet adage populaire : "Mieux vivre en coq le temps d'une nuitée que de vivre cents jours comme poule".

Les premiers ouvriers ayant habité le village minier ne se connaissaient pas au départ. Ils passaient leurs journées à la corvée et c’est en travaillant sous la terre qu’ils apprennent à se connaître. Ce ne sont ni les rapports de sang, ni l’appartenance tribale, qui les lient, mais c’est plutôt leur condition de mineurs qui les rapproche les uns des autres. Tout se crée au fond de la mine, de ses tripes et de ses entrailles : la richesse, les alliances, les clivages, la conscience, la lutte, les amitiés sympathies et animosités, les réputations et les célébrités, etc. Tout cela ne tarde pas à rejaillir sur la vie du village. Le charisme, le leadership et la crédibilité se conquièrent à coup de bravoure et d’exploits au fond des galeries et des tunnels de la mine avant de se transposer par la suite au niveau du village, etc.

Certes la cartographie des quartiers se dessine, dans un premier temps, en fonction des descendances territoriales des gens (les trabelsia, les swaffa, les jridiya, les frechiches, les mrarcas, etc.). Mais, les cartes seront redistribuées plus tard lorsque la compagnie des phosphates mine bâtit les cités ouvrières dont l’occupation se répartit au gré des affinités et amitiés entre mineurs qui décident de devenir voisins.

C’est ainsi que les cités minières sont des agglomérations villageoises dont le mode de vie, le rythme, les relations et les valeurs sociales, la culture, etc. ne sont ni ceux des habitants des grandes villes (diversité économique, densité démographique; anonymat, individualisme, violence, insécurité, dynamique culturelles, distractions et loisirs, etc.) ni ceux des oasis voisines du Djérid (esprit conservateur, cycle économique annuel lié à la récolte des dattes forçant les gens à l'épargne et au calcul. Le village minier a cette spécificité de pouvoir concilier des valeurs habituellement antagoniques : il n’ y a pas d’anonymat (tous les gens se connaissent) mais le contrôle social n’y est pas très pesant. Les gens sont libertaires parce que la composition démographique est un mélange ethnique (la prostitution n’est pas un critère d’exclusion sociale, la majorité des mineurs boivent l’alcool, etc.) les gens sont peu soucieux de la pratique religieuse, L’existence d’une élite composée des cadres et d'ingénieurs est à l’origine d’une infrastructure administrative et de prestations avancées implantées depuis l’aube du XX° siècle alors que des villes bien plus grandes n’en bénéficiaient pas (électricité, eau courante, hôpitaux, écoles, terrains de tennis, bureaux de postes, réseau téléphonique, chemins de fer, routes, salles de cinéma, écoles, etc.) Le mélange ethnique est source d’une richesse culturelle.

La mécanisation des exploitations minières; introduite vers la fin des années 80 du siècle dernier, a profondément modifié la donne. Il est vrai que la souffrance et le risque sont considérablement réduits. Il n'y a plus d'extraction souterraine et les accidents mortels ne font plus partie du quotidien des gens, la productivité est nettement supérieure alors que les coûts sont inférieurs. C'est tant mieux, sauf que ces évolutions ne vont pas sans transformer le système de valeurs et les comportements des gens. On assiste à un glissement vers une économie de rente avec ce qui s'ensuit comme comportement ostentatoire. La culture de l'effort et de l'abnégation qui ont forgé les mineurs et fait la fierté de leurs descendants durant des décennies cède de plus en plus la place à une étrange culture du gain facile et de la consommation démesurée caractéristiques de l'économie rentière. Pour exemple, je cite la revendication de travailler dans ces sociétés dites de plantations et de l'environnement qui ne plantent rien. Personne ne semble indignée par le comportement de ces jeunes qui passent leurs journées à jouer aux cartes et ne cessent de répéter haut et fort avec une fierté déshonorante qu'ils se contentent de percevoir leurs salaires à la fin du mois sans rien faire. Les chômeurs semblent les envier pour cela et ne rêvent que de décrocher un "travail" similaire.

Il est vrai que l'Etat a une lourde dette à régler envers les centres miniers et leurs habitants. Mais cela ne signifie guère de dilapider les richesses aussi bêtement. Cet argent a coûté à nos aïeuls des milliers de vies et continue à nous coûter des maladies que nous traînons tout au long de notre vie, alors arrêtons de le gaspiller comme ces bédouins flambeurs des pays du Golfe. Car il n'y a pas de comparaison possible entre pétrodollar et phosphadinar.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

مثلّث الطّبخ[1]

المكتبات في بيئة الويب 2.0 أو مكتبات الجيل الثاني

أم العرائس - عروس القرى