قصّولو يدّو جات صالحة للطّنبور


منطلق الفكرة
يقضي الواحد منّا عدّة ساعات يوميّا بالمعهد، متنقّلا بين فضاءاته من قاعات درس وساحات وأروقة ودورات مياه ومشرب ومكاتب إدارية ومكتبة ومخابر. وينسج في الأثناء علاقات مع الفضاء والمقيمين فيه لا تمرّ دون أن تترك أثرها على شخصيّاتنا وسلوكنا ولو أنّ ذلك يتمّ في الغالب بشكل غير واع. هي إذن إقامة متبادلة بيننا والفضاء: يقيم فينا بقدر ما
نقيم فيه.
الفكرة
يعتبر الشكل المعماري للمعهد العالي للتوثيق كارثيا من وجهة النّظر البيداغوجية. حيث يترتّب على تلك القبّة البلّورية، التي تغطّي ثلاثة طوابق تضمّ 19 قاعة تدريس و 12 مكتبا للأساتذة جميعها موظّبة بشكل دائري، عيبان رئيسيان. يتمثّل العيب الأوّل في الضجيج الناتج عن رجع الصّدى والذي يبلغ مستويات توتّر الأعصاب وتعيق التّركيز الضّروري لتأمين الدّروس أو إجراء الامتحانات أو الانصراف إلى البحث وهي كلّها أنشطة فكرية تتطلّب الكثير من الهدوء. أمّا العيب الثاني فيتمثّل في الانحباس الحراري الذي يبلغ ذروته عند فترة امتحانات آخر السّنة ممّا يشكّل صعوبة إضافية للطّلبة والأساتذة والأعوان.

لكن، لو تعاطينا مع هذا الشكل الهندسي من وجهة نظر الفنون الركحية والمشهدية، لصحّ عليه القول "قصّولو يدّو جات صالحة للطّنبور". حيث تختزن هندسة هذه البناية، التي تجمع بين شكلي المسرح الروماني من ناحية وخيمة السيرك من ناحية ثانية، إمكانات مشهدية متعدّدة تجعلها متلائمة مع العروض الفرجوية بشكل كبير. ومن أجل أن نتهجّى مفردات هذاالمعمار وأن نعي طبيعة علاقتنا مع مكوّناته، نقترح هذا المنجز الفنّي
performance artistique
الذي من طموحه أن يشكّل مدخلا لدراسة التوثيق والمعلومات بواسطة المشهدية والفرجة المستنبطة من خصائص مبنى المعهد ومعماره.الرّؤية الإخراجيّة
ففي علاقة بالمسارح الرّومانية، تتوفّر هندسة معهدنا على أرضيّة دائرية لا تقل مساحتها عن ستّين مترا مربّعا يمكن استعمالها كركح رئيسي. وتتوسّط هذه الدّائرة خمس قاعات وأربعة مكاتب يمكن أن تتحوّل حسب الحاجة إلى مقصورات للفنّانين. على جانبي الأرضية يمينا ويسارا، يصعد درجان نحو الطابقين الأوّل ثمّ الثّاني ويمكن توظيفهما كمدارج للمتفرّجين، وهو ما ينسحب على الطابقين ذاتهما حيث بالإمكان لجمهور المتفرّجين الاستناد على السياج الحديدي الدائري للإطلال من أعلى على الأرضية في الأسفل أين يؤدّي الفنّانون أدوارهم. أمّا عن الشّبه مع خيمة السيرك، فيحرّك الخيال للاستفادة من القبّة البلورية. من ذلك مثلا، تثبيت لفائف عملاقة في السّقف، تنفتح بشكل مفاجئ أثناء العرض لتتدلّى كاشفة عن لوحات تجسّد صفحات مخطوطات أو جرائد. كما يمكن تركيز سلالم حبالية متحرّكة بين أرضيات الطوابق الثلاثة يتسلّقها الفنّانون للتنقّل. كما يمكن ربط جانبي القبة من اليمين إلى اليسار بخيوط خفيّة (خيوط صنّارة مثلا) على أن تكون مائلة في انحدار لتوظيفها في إطلاق كتب تنزلق مفتوحة نزولا أو صعودا. يمكن كذلك أن نتصوّر عديد الأشياء الأخرى: ستائر متحركة دائريا تمرّ بشكل خاطف أمام عيني المتفرّج في مستوى كلّ طابق عازلة إيّاه عن المشهد بشكل فجائي، قنوات نصف دائرية مفتوحة من الأعلى تجري فيها مياه أو سيول أخرى حسب الحاجة (حبر، دم، بنزين، إلخ)، رياح (اصطناعية) تعصف محرّكة القماشات العملاقة المتدلّية، أبواب قاعات الطابق الأرضي تصطفق بعنف وكرات عملاقة تنطلق متدحرجة من داخل القاعات باتجاه الركح أين تنفلق كاشفة عن مفاجآت، كرات هوائية ملوّنة ومنفوخة تطير في الأرجاء حاملة على جلدها صور شهداء 14 جانفي، شلاّلات من فتات الورق الممزّق إربا حاملة حروفا تغطي أرجاء الفضاء، أقراص ليزريّة تخترق الفضاء كالأطباق الطّائرة، كتابة ضوئية تضخّم الظلال المنعكسة على القماشات المخمليّة والخيالات المتحرّكة في أرجاء الفضاء مخترقة جمهور المتفرّجين.
مكوّنات العمل
• لوحات كوريغرافية يكتب من خلالها الفنّانون من طلبتنا بأجسادهم شعارات متحرّكة على الرّكح الدائري يرسمون صورا (العلم التونسي مثلا) ويتمّ اختيار الشعارات والكلمات التي ستكتب كوريغرافيا في إطار ورشة كتابة يؤطّرها أستاذ من المعهد. (شعارات على شاكلة تونس حرّة التي كتبها تلاميذ أحد المعاهد وراجت على الفايسبوك بشكل كبير)
تتخلّل اللوحات الكوريغرافيّة:
• مونولوجات على طريقة الوان مان شاو أو حواريات مسرحية يؤدّيها الطّلبة عبر نوافذ القاعات والشرفات. و تكتب نصوص المونولوجات في إطار ورشات كتابة جماعية يؤطّرها صاحب الفكرة رفقة أستاذ مسرح. ومن الأفكار المقترحة:
درس في اللّغة والإعراب بعنوان "الشعب يريد"،
مونولوغ "الحارق والمحروق"،
مونولوغ بعنوان "المعهد العالي والأونفي الخالي": ويتمثّل في الّلعب على أسماء المؤسّسات الجامعية بشكل ساخر. وبهذا الشكل، يتحوّل معهد التوثيق إلى معهد التلفيق ومعهد الصحافة معبد السخافة، وكلية الآداب كلية العذاب وكلية العلوم كلية الهموم وكلية الحقوق كلية العقوق ومعهد الشريعة معهد الشنيعة الخ
حواريّة "الإذاعة المحلّية": مشاركات عبر الهاتف في حصّة تنشيط إذاعي تعتمد ألعاب الحظ وتستعمل الفرنكوآراب والعامية، والأسئلة الخطيرة وتلحّ على حب الوطن المعطاء وانشالله ياربّي تحمي تونس العزيزة الغالية علينا وفلذات أكبادها.
• قراءات شعرية لنصوص مختارة وتراتيل قرآنية ولغط كلمات متداخلة بلغات مختلفة (عربي، فرنسي، عبري، بربري، إيطالي، إنقليزي، إلأخ)
• ابتهالات وإنشاد صوفي وغناء بدوي وموسيقى راب
• إيقاعات معزوفة على سطح القبّة وعلى ظهور الكتب والمحافظ بأقلام عملاقة منحوتة للغرض.
• بثّ صور عن ثورة 14 جانفي
معطيات أخرى
• فريق العمل: فريق مكوّن من 50 طالب على أقلّ تقدير، ياسر جرادي (فناّن تشكيلي وموسيقي)، فاطمة (أستاذة مسرح)، جلال الرّويسي (أستاذ بالمعهد وصاحب الفكرة)، وليد النّموشي (موسيقي)
• التمارين: تتمّ التّمارين ثلاث مرّات في الأسبوع من السّاعة 18 إلى السّاعة 20 وذلك طيلة 3 أشهر (من بداية أكتوبر إلى نهاية ديسمبر).
• يقدّم العرض في احتفالات الذّكرى الأولى لثورة 14 جانفي بفضاء المعهد.
• الميزانية: سيتمّ ضبطها بالتشاور بين فريق العمل.
• التّمويل: تخصّص إدارة المعهد ميزانية للعمل بعد تقديم ملف فنّي مفصّل في الغرض. كما يمكن التّفكير في التوجّه إلى أطراف أخرى بغرض التّمويل مثل مصالح التنشيط الثقافي بجامعة منّوبة وبالوزارة وبديوان الخدمات الجامعية للشمال
منوبة في 6 جوان 2011

Commentaires

Enregistrer un commentaire

Posts les plus consultés de ce blog

المكتبات في بيئة الويب 2.0 أو مكتبات الجيل الثاني

مثلّث الطّبخ[1]

أم العرائس - عروس القرى