تين من زمن الأنبياء
ولّينا ظهورنا لحنايا صنهاجة المحاذية لمقبرة ينام موتاها في أحضان شجر اللوز... لمّا وصلنا إلى قمّة الرّبوة كانت القرية قد توارت خلف أشجار السّرو لينكشف المشهد في الجهة المقابلة على سهل أخضر لا يحدّه البصر .. ترجّلنا من السيارة وقد أصابنا الخرس... ظلّ صوت محمود درويش يصلنا من داخل السيارة محمولا على خيط ناي خافت... "أطلّ، كشرفة بيت، على ما أريد أطلّ على أصدقائي وهم يحملون بريد المساء: نبيذا وخبزا، وبعض الرّوايات والأسطوانات... أطلّ على نورس، وعلى شاحنات جنود تغيّر أشجار هذا المكان." [1] ذبنا في سحر المشهد المؤلّف من أخضر العشب وأزرق السماء وذلك الخط الأرجواني الفاصل بينهما... هناك، هناك، بعيدا في قلب البساط الأخضر المغلّف بالضباب تتراءى نقطتان بيضاء وسوداء... هما كوخ صغير أمامه شجرة تين... ومن موقعنا في أعلى الربوة يمتد باتجاه الكوخ مسلك متعرّج يبدو كخيط من دخان...... فجأة أطلق الزورباني صرخة مزّقت عذرية الفجر ليتردّد صداها في الروابي المحيطة بالمكان. ثمّ ركض عاريا كعنقاء نهضت من قبر في المسلك المتعرّج باتجاه الكوخ... فاضت عيناي بدمع غزير... أمّا حبيبته فسرب...